امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 3 -صفحه : 703/ 654
نمايش فراداده

أمّا كلمة «فترة» الواردة في الآية فهيتعني في الأصل الهدوء و السكينة كما تطلقعلى الفاصلة الزمنية بين حركتين أو جهدينأو نهضتين أو ثورتين.

و قد شهدت الفاصلة الزمنية بين موسى عليهالسّلام و عيسى عليه السّلام عددا منالأنبياء و الرسل، بينما لم يكن الأمركذلك في الفاصلة الزمنية بين عيسى عليهالسّلام و النّبي محمّد صلّى الله عليهوآله وسلّم، و لذلك أطلق القرآن الكريمعلى هذه الفاصلة الأخيرة اصطلاح فَتْرَةٍمِنَ الرُّسُلِ و المعروف أن هذه الفترةدامت ستمائة عام تقريبا «1».

أمّا ما جاء في القرآن- في سورة يس الآية 14-و ما ذكره المفسّرون، فيدلان على أنّثلاثة من الرسل- على الأقل- قد بعثوا فيالفاصلة الزمنية بين النّبي عيسى عليهالسّلام و نبيّ الإسلام صلّى الله عليهوآله وسلّم، و قد ذكر البعض أنّ أربعة منالرسل بعثوا في تلك المدة، و على أي حال لابدّ أن تكون هناك فترة خلت من الرسل بينوفاة أولئك الرسل و النّبي محمّد صلّىالله عليه وآله وسلّم، و لذلك عبّر القرآنعن تلك الفترة الخالية من الرسل بقوله:عَلى‏ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ.

سؤال:

و قد يعترض البعض بأنّه كيف يمكن القولبوجود مثل تلك الفترة مع أنّ الإعتقادالسائد لدينا يقضي بأن المجتمع البشري لايمكن أن يخلو و لو للحظة من رسول أو إماممعين من قبل اللّه سبحانه و تعالى؟

الجواب:

إنّ القرآن الكريم حين يقول: عَلى‏فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ إنّما ينفي وجودالرسل في تلك المدّة، و لا يتنافى هذاالأمر مع القول بوجود أوصياء للرسل في ذلكالوقت.

1- و يرى البعض أنّ هذه الفترة تبلغ أكثر منستمائة عام، و آخرون يرون أنّها أقل من هذهالمدّة و استنادا على قول البعض فإنّالفاصلة الزمنية بين ولادة المسيح عليهالسّلام و هجرة نبي الإسلام محمّد صلّىالله عليه وآله وسلّم و وفق التاريخالميلادي تبلغ 621 عاما و 95 يوما (تفسير ابنالفتوح الرازي، ج 4، هامش