امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 3 -صفحه : 703/ 672
نمايش فراداده

و لا غرابة في أن يتعلم إنسان شيئا من طيرمن الطيور، فالتاريخ و التجربة يدلان علىأنّ للكثير من الحيوانات مجموعة منالمعلومات الغريزية تعلمها منها البشرعلى طول التاريخ، مكملا بذلك معلوماته ومعارفه، و حتى بعض الكتب الطبيّة تذكر أنّالإنسان مدين في جزء من معلوماته الطيبةللحيوانات! ثمّ تشير الآية الكريمة إلىأنّ قابيل استاء من غفلته و جهله، فأخذيؤنب نفسه كيف أصبح أضعف من الغراب فلايستطيع دفن أخيه مثله، فتقول الآية:

قالَ يا وَيْلَتى‏ أَ عَجَزْتُ أَنْأَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِفَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي ....

و كانت العاقبة أن ندم قابيل على فعلتهالشنيعة كما تقول الآية: فَأَصْبَحَ مِنَالنَّادِمِينَ.

فهل كان ندمه على جريمته، خوفا من افتضاحأمره أمام أبويه؟ أو ربّما أخوته الآخرينالّذين كانوا سيلومونه على فعلته؟ أم أنّندمه كان إشفاقا على نفسه، لأنه حمل جسدأخيه القتيل

لفترة دون أن يعلم ما ذا يفعلبه أو كيف يدفنه؟

أم كان سبب الندم هو ما يشعر به الإنسان-عادة- من قلق و استياء بعد ارتكاب كل عملقبيح؟

مهما كانت أسباب الندم و دوافعه لدى«قابيل» فذلك لا يعني أنّه تاب من فعلته وجريمته التي ارتكبها، فالتوبة معناها أنلا يعاود الإنسان المذنب تكرار الذنب، خوفمن اللّه و استقباحا للذنب، و لم يشرالقرآن الكريم إلى صدور مثل هذه التوبة عن«قابيل»، و قد تكون الآية التالية إشارةإلى عدم صدور التوبة عنه.

ورد في حديث عن النّبي صلّى الله عليهوآله وسلّم قوله: «لا تقتل نفس ظلما إلّاكان على ابن آدم الأوّل كفل من دمها لأنّهكان أوّل من سن القتل» «1».

أراد أن يري «قابيل» كيف يدفن أخاه، و ذلكاحتراما ل «هابيل» و يحتمل أن يكون الغرابهو الفاعل في الجملة المذكورة.

1- مسند أحمد بن حنبل كما جاء في تفسير «فيضلال القرآن»، ج 2، ص 703، في تفسير الآية.