امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 5 -صفحه : 636/ 140
نمايش فراداده

يثبت أن فرعون و نظراءه من أدعياءالرّبوبية يكذبون جميعا في ادعائهم، و أنربّ العالمين هو اللّه فقط، لا فرعون و لاغيره من البشر.

و في الآية اللاحقة نقرأ أنّ موسى عقيبدعوى الرسالة من جانب اللّه قال:

فالآن إذ أنا رسول ربّ العالمين ينبغي ألاأقول عن اللّه إلّا الحق، لأنّ المرسل منقبل اللّه المنزّه عن جميع العيوب لا يمكنأن يكون كاذبا حَقِيقٌ عَلى‏ أَنْ لاأَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ.

ثمّ لأجل توثيق دعواه للنّبوة، أضاف: أنالا أدعي ما أدّعيه من دون دليل، بل إنّ معيأدلة واضحة من جانب اللّه قَدْ جِئْتُكُمْبِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ.

فإذا كان الأمر هكذا فَأَرْسِلْ مَعِيَبَنِي إِسْرائِيلَ.

و كان هذا في الحقيقة قسما من رسالة موسىبن عمران الذي حرّر بني إسرائيل من قبضةالاستعمار الفرعوني، و وضع عنهم إصرهم وأغلال العبودية التي كانت تكبّل أيديهم وأرجلهم، لأنّ بني إسرائيل كانوا في ذلكالزمان عبيدا أذلّاء بأيدي القبطيين(أهالي مصر) فكانوا يستفيدون منهم فيالقيام بالأعمال السافلة و الصعبة والثقلية.

و يستفاد من الآيات القادمة- و كذا الآياتالقرآنية الأخرى بوضوح و جلاء أنّ موسىكان مكلفا بدعوة فرعون و غيره من سكان أرضمصر إلى دينه، يعني أن رسالته لم تكنمنحصرة في بني إسرائيل.

فقال فرعون بمجرّد سماع هذه العبارة- (أيقوله: قد جئتكم ببيّنة)- هات الآية التي معكمن جانب اللّه إن كنت صادقا قالَ إِنْكُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْكُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ.

و بهذه العبارة اتّخذ فرعون- ضمن إظهارالتشكيك في صدق موسى- هيئة الطالب للحقالمتحري للحقيقة ظاهرا، كما يفعل أي متحرللحقيقة باحث عن الحق.