الناس المادية و المعنوية.
و تتّضح من هذا أيضا علة تفضيل مقام عليعليه السلام على مقام موسى عليه السلام فيبعض الرّوايات «1»، و هي أن عليا عليهالسلام كان عارفا بجميع القرآن، الذي فيهتبيان كل شيء نَزَّلْنا عَلَيْكَالْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ فيحين أنّ التوراة لم يرد فيها إلّا بعضالمسائل.
إنّ ما نقرؤه في الآية وَ أْمُرْ قَوْمَكَيَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها لا يعني أنّهكانت في ألواح موسى تعاليم «حسنة» و أخرى«سيئة» و أنّهم كانوا مكلّفين بأن يأخذوابالحسنة و يتركوا السيئة، أو كان فيهاالحسن و الأحسن، و كانوا مكلّفين بالأخذبالأحسن فقط، بل ربّما تأتي كلمة «أفعلالتفضيل» بمعنى الصفة المشبهة، و الآيةالمبحوثة من هذا القبيل ظاهرا، يعني أن«الأحسن» هنا بمعنى «الحسن» و هذا إشارةإلى أن جميع تلك التعاليم كانت حسنة وجيدة.
ثمّ إنّ هناك احتمالا آخر في الآيةالحاضرة- أيضا- و هو أن الأحسن بمعنى أفعلالتفضيل، و هو إشارة إلى أنّه كان بين تلكالتعاليم أمور مباحة (مثل القصاص) و أمورأخرى و صفت بأنّها أحسن منها (مثل العفو)يعني: قل لقومك و من اتبعك ليختاروا ما هوأحسن ما استطاعوا، و للمثال يرجحوا العفوعلى القصاص (إلّا في موارد خاصّة) «2».
5- في مجال قوله: سَأُرِيكُمْ دارَالْفاسِقِينَ الظاهر أن المقصود منها هوجهنم، و هي مستقرّ كل أولئك الذين يخرجونمن طاعة اللّه، و لا يقومون
(1) للوقوف على هذه الرّوايات يراجع تفسيرنور الثقلين، المجلد الثّاني،
(2) و يحتمل أيضا أن الضمير في «أحسنها»يرجع إلى «القوة» أو «الأخذ بقوة» و هوإشارة إلى أن عليهم أن يأخذوا بها بأفضلأنواع الجدية و القوة و الحرص.