امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 5 -صفحه : 636/ 229
نمايش فراداده

المشاهد ألا و هو الانحراف عن التوحيد إلىعبادة العجل، و كان يرى جميع آثارها وأخطارها المتوقعة.

و على هذا فإنّ إلقاء الألواح و مؤاخذةأخيه بشدّة في مثل هذه اللحظة مسألةطبيعية تماما.

إنّ ردة الفعل الشديدة هذه و إظهار الغضبهذا، كان له أثر تربوي بالغ في بنيإسرائيل، فقد قلب المشهد رأسا على عقب فيحين أنّ موسى لو كان يريد أن ينصحهمبالكلمات اللينة و المواعظ الهادئة، لكانقبولهم لكلامه و نصحه أقلّ بكثير.

ثمّ إنّ القرآن الكريم ذكر أنّ هارون قال-و هو يحاول استعطاف موسى و إثبات برائته فيهذه المسألة-: يا ابن أمّ هذه الجماعةالجاهلة جعلوني ضعيفا إلى درجة أنّهمكادوا يقتلونني، فإذن أنا بري‏ء، فلاتفعل بي ما سيكون موجبا لشماتة الأعداء بيو لا تجعلني في صف هؤلاء الظالمين قالَابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَاسْتَضْعَفُونِي وَ كادُوايَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَالْأَعْداءَ وَ لا تَجْعَلْنِي مَعَالْقَوْمِ الظَّالِمِينَ.

إن التعبير ب: «ابن أمّ» في الآية الحاضرةأو «يا ابن أمّ» (كما في الآية 94 من سورة طه)مع أن موسى و هارون كانا من أب و أم واحدة،إنّما هو لأجل تحريك مشاعر الرحمة و العطفلدى موسى عليه السلام في هذه الحالةالساخنة.

و في المآل تركت هذه القصّة أثرها، وسرعان ما التفت بنو إسرائيل إلى قبحأعمالهم، فاستغفروا اللّه و طلبوا العفومنه.

لقد هدأ غضب موسى عليه السلام بعضالشي‏ء، و توجه إلى اللّه قالَ رَبِّاغْفِرْ لِي وَ لِأَخِي وَ أَدْخِلْنا فِيرَحْمَتِكَ وَ أَنْتَ أَرْحَمُالرَّاحِمِينَ.

إنّ طلب موسى عليه السلام العفو و المغفرةمن اللّه تعالى لنفسه و لأخيه، لم يكن لذنباقترفاه، بل كان نوعا من الخضوع للّه، والعودة إليه، و إظهار النفرة من أعمال‏