ذلك المجتمع الذي انحرف عن الحق، إذالعودة إلى الحق و الصواب عسيرة في غير هذهالصورة.إنّ القرآن يستعرض ردّة فعل موسى الشديدةفي قبال ذلك المشهد و في تلك الأزمة، إذيقول: إنّ موسى ألقى ألواح التوراة التيكانت بيده، و عمد إلى أخيه هارون و أخذبرأسه و لحيته و جرهما إلى ناحيته ساخطاغاضبا.و كما يستفاد من آيات قرآنية أخرى، وبخاصّة في سورة طه، أنّه علاوة على ذلك لامهارون بشدّة، و صاح به، لماذا قصّرت فيالمحافظة على عقائد بني إسرائيل و خالفتأمري «1».و في الحقيقة كان هذا الموقف يعكس- منجانب- حالة موسى عليه السلام النفسية، وانزعاجه الشديد تجاه و ثنية بني إسرائيل وانحرافهم، و من جانب آخر كان ذلك وسيلةمؤثرة لهزّ عقول بني إسرائيل الغافية، والفاتهم إلى بشاعة عملهم.و بناء على هذا إذا كان إلقاء ألواحالتوراة في هذا الموقف قبيحا- فرضا- و كانالهجوم على أخيه لا يبدو كونه عملا صحيحا،و لكن مع ملاحظة الحقيقة التالية، و هيأنّه من دون إظهار هذا الموقف الانزعاجيالشديد لم يكن من الممكن إلفات نظر بنيإسرائيل إلى بشاعة خطئهم ... و لكان منالممكن أن تبقى رواسب الوثنية في أعماقنفوسهم و أفكارهم ... إنّ هذا العمل لم يكنفقط غير مذموم فحسب، بل كان يعد عملا واجباو ضروريا.و من هنا يتّضح أنّنا نحتاج أبدا إلىالتبريرات و التوجيهات التي ذهب إليها بعضالمفسّرين، للتوفيق بين عمل موسى عليهالسلام هذا و بين مقام العصمة التي يتحلىبها الأنبياء، لأنّه يمكن أن يقال هنا: إنّموسى عليه السلام انزعج في هذه اللحظة منتأريخ بني إسرائيل انزعاجا شديدا لم يسبقله مثيل، لأنّه وجد نفسه أمام أسوأ (1) سورة طه: 92- 93.