نفوسهم آخر بارقة أمل في الإيمان، حلّتبهم العقوبة الإلهية طبقا لقانون انتخابالأصلح، و إهلاك و محو الكائنات الفاسدة والمفسدة فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُفَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ.إنّها كانت زلزلة و رجفة عظيمة تهاوت علىأثرها قصورهم و بيوتهم القوية، و اندثرتحياتهم الجميلة، حتى أنّه لم يبق منهمإلّا أجساد ميتة ... هكذا أصبحوا.و «جاثم» في الأصل مشتق من مادة «جثم»بمعنى القعود على الركب، و التوقف في مكانواحد، و لا يبعد أن يكون هذا التعبير إشارةإلى أنّ الزلزلة و الرجفة جاءتهم و هم فيحالة نوع هنيئة، فجلسوا على أثرها فجأة، وبينما كانوا قاعدين على ركبهم لم تمهلهمالرجفة، بل ماتوا و هم على هذه الهيئة،إمّا خوفا، و إمّا بسبب انهيار الجدرانعليهم، و إمّا بفعل الصاعقة التي رافقتالزلزال!!
بأيّ شيء أهلك قوم ثمود:
و هنا يطرح سؤال و هو: يستفاد من الآيةالحاضرة أنّ الشيء الذي أهلك هؤلاءالمتمردون كان هو الزلزال، و لكن يظهر منالآية (13) من سورة فصلت أنّه كان الصاعقة،بينما نقرأ في الآية (15) من سورة الحاقةفَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوابِالطَّاغِيَةِ يعني أنّ قوم ثمود اهلكوابشيء مدمّر، فهل هناك تناقض بين هذهالتعابير؟إنّ الجواب على هذا السؤال يمكن أن يلخصفي جملة واحدة، و هي جميع هذه العباراتترجع إلى معنى واحد، أو أنّه يلازم بعضهابعضا، فكثيرا ما تحدث الرجة الأرضية فيمنطقة ما بفعل صاعقة عظيمة، أي أنّه تحدثصاعقة أوّلا، ثمّ تحدث على أثرها رجةأرضية.و أمّا «الطاغية» فهي بمعنى كائن تجاوز عنحدّه، و هذا ينسجم مع الزلزلة و كذا معالصاعقة، و لهذا فلا يوجد أي تناقض بينالآيات.