هو أمر نلاحظه بوضوح الآن بين الشعوبالمصابة بالأنانية و الضلال، فهي- بغيةقلب الحقائق، و خداع ضميرها أو ضمائرالآخرين- كلما أصابها نجاح و تقدم اعتبرتذلك ناشئا من جدارتها و كفاءتها، و إن لميكن في ذلك النجاح و التقدم أدنى شيء منتلك الكفاءة و الجدارة، و بالعكس إذاأصابها أي إخفاق و شقاء نسبت ذلك فورا إلىالأجانب و إلى أيادي العدو الخفيّة أوالمكشوفة، و إن كانوا هم بأنفسهم سبب ذلكالشقاء و الإخفاق.
يقول القرآن الكريم: إنّ أعداء الرّسولالأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم كانوايتوسلون بمثل هذا المنطق أيضا في مقابلرسول اللّه (كما نقرأ في الآية 78 من سورةالنساء).
و في مكان آخر يقول: إنّ المنحرفين هم هكذا(كما في سورة فصلت الآية 50) و هذا فيالحقيقة هو أحد مظاهر الأنانية و اللجاجالبارز. «1»
التفاؤل و التشاؤم (الفأل و الطيرة):
مسألة التطيّر و التفاؤل و التشاؤم قدتكون منتشرة في مختلف المجتمعات البشرية،فيتفاءلون بأمور و أشياء و يعتبرونها دليلالنجاح، و يتشاءمون بأمور و أشياء ويعتبرونها آية الهزيمة و الفشل. في حين لاتوجد أية علاقة منطقية بين النجاح والإخفاق و بين هذه الأمور، و بخاصّة فيمجال التشاؤم حيث كان له غالبا جانب خرافيغير معقول.
إنّ هذين الأمرين و إن لم يكن لهما أي أثرطبيعي إلّا أنّه يمكن أن يكون لهما أثرنفسي لا ينكر، و إنّ التفاؤل غالبا يوجبالأمل و التحرك، و التشاؤم يوجب اليأس والوهن و التراجع.
و لعله لأجل هذا لم ينه في الرّوايات والأحاديث الإسلامية عن التفاؤل،
(1) ذكر «حسنة» محلاة بالألف و اللام و«إذا» و ذكر «سيئة» مع (إن) بصورة النكرةإشارة إلى النعم كانت تنزل عليهم بصورةمتتابعة، بينما كانت البلايا تنزل أحيانا.