الأصل، لأنّ هذه الأمور ليست من المسائل والقضايا التي يستطيع السدّي و أمثالهالاطلاع عليها.
و على كل فهي إشارة لطيفة إلى الحقيقةالتالية، و هي أنّ أهل الجنّة قد تطهرواباطنا و ظاهرا، جسما و روحا، فهم يتحلونبالجمال الجسماني، و الجمال الروحانيمعا، و لهذا فهم لا يعانون،- مطلقا- منالحسد و الحقد.
فما أسعد من يبني لنفسه في هذه الدنياجنّة أخرى، بتطهير صدره من الحقد و الحسدليتخلّص من افرازاتهما المؤلمة.
و بعد ذكر هذه النعمة الروحانية، يشيرالقرآن الكريم إلى نعمهم الماديةالجسدية، فيقول: تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُالْأَنْهارُ.
ثمّ بعكس رضى أهل الجنّة الكامل الشاملالذي يعبرون عنه بالحمد و الشكر للّه و حدهعلى ما هداهم إليه من النعم وَ قالُواالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذاوَ ما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْهَدانَا اللَّهُ.
و هنا يأتيهم النداء بأن ما ورثتموه منالنعم إنّما هو بسبب أعمالكم وَ نُودُواأَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُأُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْتَعْمَلُونَ.
و مرّة أخرى نصل إلى هذه الحقيقة، و هي أنّالنجاة رهن بالعمل الصالح، و ليسنبالأماني و الظنون الخاوية.
و «الإرث» في الأصل بمعنى انتقال مال أوثروة من شخص إلى آخر من دون أن يكون بينهماعقد (أي الانتقال عبر مسير طبيعي تلقائي،لا عن طريق البيع و الشراء) و لهذا يطلقالإرث على انتقال أموال الميت إلى خلفه.
لماذا عبّر بالإرث؟
و هنا ينقدح سؤال و هو: كيف يقال لأهلالجنّة: هذه النعم أورثتموها لقاءأعمالكم؟