و ممّا يسترعي النظر أنّ الجملة آنفةالذكر جاء فيها لفظ «شيء» و هي ذات مفهومواسع، أي لا يخفى على اللّه ما تبذلونه منجميع الأشياء، مالا كان أو نفسا أو فكرا أومنطقا أو قوة أو أي مال آخر ينفق في تقويةبنية المسلمين الدفاعية و العسكرية، فإنّاللّه سيدخره و يعيده إليكم في حينه.و قد احتمل بعض المفسّرين أن جملة «و أنتملا تظلمون» معطوفة على جملة «ترهبون» أيأنّكم إذا ما أعددتم القوة اللازمةلمواجهة الأعداء فسيخافون أن يهجمواعليكم، و لن يقدروا على ظلمكم و إيذائكم، وبناء على ذلك فلن يصيبكم ظلم أبدا.
أهداف الجهاد في الإسلام و أركانه:
و اللطيفة الأخرى التي تستفاد من هذهالآية، و تكون جوابا على كثير من أسئلةالجهلاء و إشكالاتهم، هي بيان شكل الجهادو هدفه و منهجه، فالآية تقول بوضوح: إنّالهدف منه ليس قتل الناس أو الاعتداء علىحقوق الآخرين، بل الهدف- كما ذكرنا- هوإرهابكم الأعداء لكيلا يعتدوا عليكم وليخافوكم، فينبغي أن تكون جميع جهودكم وسعيكم منصبّا في سبيل قطع شر أعداء اللّه والحق و العدل.فهل يملك الجهلة في أذهانهم مثل هذاالتصوّر عن الجهاد في القرآن الكريم، و ماصرّح به في هذه الآية- محل البحث- ليسوغ لهمأن يحملوا كل هذه الحملات المسعورةالمتتالية على هذا القانون الإسلامي.فتارة يدّعون بأنّ الإسلام هو دين السيف،و تارة يقولون بأنّ الإسلام يفرض علىالناس أفكاره بالحديد، و يقيسون النّبيالأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم بسائرمحتلي البلدان في التاريخ.و في عقيدتنا أنّ جواب كل هؤلاء هو أن يعودإلى القرآن، و يفكروا في الهدف الأصيللهذا الموضوع، لتتّضح لهم كل تلك الأمور.