الشرك و التوجه إلى غير اللّه) يبدو للنظرأنّه أنسب مع ما سبق و ما يلحق هذه الجملة،و إن لم تكن إرادة كل هذه المعاني بعيدة عنمفهوم الآية أيضا.
2- أقصر الأدلة على المعاد
لقد بحث أمر المعاد و البعث في يومالقيامة كثيرا، و يستفاد من آيات القرآنالكريم أنّ هضم هذه المسألة كان أمرا صعباو عسيرا بالنسبة إلى كثير من الناس فيالعصور الغابرة، إلى درجة أنّهم كانوايتخذون أحيانا من طرح مسألة القيامة والمعاد من قبل الأنبياء دليلا على عدم صحةدعوتهم، و بل حتى (و العياذ باللّه) دليلاعلى الجنون و يقولون: أَفْتَرى عَلَىاللَّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ «1».و لكن يجب الانتباه إلى أنّ ما كان يدعولمزيد من تعجبهم و دهشتهم، هو مسألةالمعاد الجسماني، لأنّهم ما كانوايصدّقون بأنّ الأبدان بعد صيرورتهاترابا، و تبعثر ذراتها بفعل الرياح والأعاصير و تناثرها في أرجاء الأرض. أنتجتمع هذه الذرات المتبعثرة من بين أكوامالتراب. و أمواج البحار، و من بين ثناياذرات الهواء، و يلبس ذلك الإنسان لباسالوجود و الحياة مرّة أخرى.إن القرآن الكريم أجاب في آيات متنوعة علىهذا الظن الخاطئ، و الآية الحاضرة تعكسإحدى أقصر و أجمل التعابير في هذا المجال،إذ تقول: أنظروا إلى بداية الخلق، انظرواإلى جسمكم الذي يتكون من مقدار كبير منالماء، و مقدار أقل من المواد المعدنية وشبه المعدنية المختلفة المتنوعة أين كانفي السابق؟ فالمياه المستخدمة في جسمكميحتمل أنّ كل قطرة منها كانت سادرة في محيطمن محيطات الأرض ثمّ تبخّرت و تبدلت إلىالسّحب، ثمّ نزلت في شكل قطرات المطر علىالأراضي، و الذرات التي استخدمت في نسيججسمكم من مواد الأرض الجامدة كانت ذات يومفي هيئة حبّة قمح أو ثمرة شجرة، أو خضرواتمختلفة جمعت من مختلف نقاط الأرض.1- سورة سبأ، 8.