إنّ الآية الحاضرة و إن كانت ناظرة إلىوضع الأقوام الغابرة، و لكنّه من المسلّمأن مفهومها مفهوم واسع و عام و دائم، و لاتنحصر في شعب معين أو قوم خاص، فإنّها سنةإلهية أن يبتلى غير المؤمنين، و المتورطينفي المعاصي و الذنوب بأنواع مختلفة ومتنوعة من البلايا في هذه الدنيا، فربّماينزل عليهم البلاء السماوي و الأرضي، وربّما تشتعل نيران الحروب العالمية أوالمحلية فتبتلغ أموالهم و تبيدها و ربّمايفارقهم الأمن و الاستقرار، فتسحقالمخاوف و الهواجس بأظلافها أبدانهم ونفوسهم، و حسب تعبير القرآن يكون كل ذلكبما كسبت أيديهم ورد فعل لأعمالهم.إن فيض اللّه ليس محدودا و لا ممنوعا، كماأنّ عقوباته لا تختص بقوم أو شعب.
لماذا تعيش الأمم الكافرة في الرخاء؟
من كل ما قلناه يتّضح الجواب على سؤاليدور كثيرا بين جماعة من الناس، و هو: إذاكان الإيمان و التقوى يبعثان على نزولأنواع البركات الإلهية، و يكون العكسموجبا لسلب البركات، فلما ذا نشاهد الشعوبغير المؤمنة ترفل في الرخاء و الرفاه، فيحين يعيش جماعة من أهل الإيمان بعسر ومشقّة؟
إنّ الإجابة على هذا السؤال تتّضحبملاحظة نقطتين:
1- إنّ تصوّر أنّ الشعوب غير المؤمنةالفاقدة للتقوى ترفل في النعمة و الرخاء وتغرق في السعادة هو تصور خاطئ ينبع مناشتباه أكبر، و هو اعتبار الثروة دليلاعلى السعادة.إنّ الناس يتصورون- عادة- أنّ كل شعب امتلكصناعة أكثر تقدما، و ثروة أكبر، كان أسعدمن غيره، في حين لو تسنى لنا أن ننفذ إلىأعماق هذه