من الممكن أن يكون المقصود من السماء هنامعناه الظاهر، و كذا يمكن أن تكون كناية عنمقام القرب الإلهي، كما نقرأ في الآية (9)من سورة فاطر: إِلَيْهِ يَصْعَدُالْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُالصَّالِحُ يَرْفَعُهُ.ثمّ أضاف قائلا: وَ لا يَدْخُلُونَالْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِيسَمِّ الْخِياطِ، أي حتى يدخل البعير فيثقب الإبرة.إنّ هذا التعبير كناية لطيفة عن استحالةهذا الأمر، و قد اختير هذا المثال والتصوير الحسّي للإخبار عن عدم إمكان دخولهؤلاء الأشخاص في الجنّة، فكما لا يترددأحد في استحالة عبور الجمل بجثته الكبيرةمن خلال ثقب الإبرة، فكذلك لا ينبغي الشكفي عدم وجود طريق لدخول المستكبرين إلىالجنّة مطلقا.و «الجمل» في اللغة يعني البعير الذي خرجتأسنانه حديثا، و لكن أحد معاني الجمل هوالحبل القوي و المتين الذي تربط به السفنأيضا «1».و حيث إنّ بين الحبل و الإبرة تناسبا أقوىو أكثر، لهذا ذهب بعضهم إلى هذا المعنى عندتفسير الآية، و لكن أكثر المفسّرينالإسلاميين رجّح المعنى الأوّل، و هم علىحق في هذا
الاتجاه لأمور:
أوّلا: إنّ في أحاديث أئمّة الإسلام كذلكتعابير تناسب التّفسير الأوّل.ثانيا: إنّه يلاحظ نظير هذا التّفسير حولالأثرياء (المتكبرين الأنانيين) فيالإنجيل أيضا، ففي إنجيل لوقا الباب 18الجملة 24 و 25 نقرأ هكذا: إنّ عيسى قال: «ماأعسر دخول ذوي الأموال إلى ملكوت اللّه.لأنّ دخول الجمل من ثقب إبرة أيسر من أنيدخل غني إلى ملكوت اللّه».و لا أقل يستفاد من هذه العبارة أنّ هذهالكناية كانت متداولة بين الشعوب(1) راجع «تاج العروس»، و «القاموس» مادةالجمل.