و في الآية المطروحة هنا طرحت هذه الحقيقةعلى بسط البحث، و هي: أنّ العقوبات ما هيإلّا لأفعالهم هم، و إلّا فلو كان الإنسانطاهرا مؤمنا، فإنّه بدل أن يحل العذابالسماوي أو الأرضي بساحته، تتواتر عليهالبركات الإلهية من السماء و الأرض ... أجل،إنّ الإنسان هو الذي يبدل البركاتبالبلايا.
2- معنى «البركات»
«البركات» جمع «بركة» و هذه الكلمة- كماأسلفنا- تعني في الأصل «الثبات» والاستقرار، و يطلق على كل نعمة و موهبةتبقى و لا تزول، في مقابل الموجوداتالعارية عن البركة، و السريعة الفناء والزوال، و الخالية عن الأثر.و الملفت للنظر أنّ فائدة التقوى والإيمان لا تقتصر على نزول البركاتالإلهية، بل هما سبب في أن يصرف الإنسان مالديه في المصارف اللازمة الصحيحة.ففي المثل نلاحظ اليوم أنّ قسما كبيرا منالطاقات الإنسانية، و المصادر الاقتصاديةتصرف في سبيل سباق التسلح و صنع الأسلحةالمدمّرة. و بذلك تنعدم البركة فيها، و لاتثمر سوى الدمار و الخراب، و لكنالمجتمعات البشرية إذا تحلّت بالتقوى والإيمان، فإنّ هذه المواهب الإلهية سيكونلها وضع آخر، و من الطبيعي أن تبقى آثارهاو تخلد، و تكون مصداقا لكلمة البركات.
3- ماذا يعني «الأخذ»؟
في الآية أعلاه استعملت كلمة «أخذ» فيمفهوم المجازاة و العقوبة، و هذا فيالحقيقة لأجل أنّ الشخص الذي يراد عقوبتهيؤخذ أوّلا في العادة، ثمّ يوثق بوسائلخاصّة حتى لا تبقى له قدرة على الفرار، ثمّيعاقب.