كلّ مؤمن، و لا يكترثون بكل شيء و لايرعون حرمة و لا عهدا، فهم في الحقيقةأعداء الإيمان و الحقّ، و هم مصداق ما ذكرهالقرآن في شأن أقوام سابقين أيضا حيث يقول:وَ ما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْيُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِالْحَمِيدِ «1».
ملاحظتان
1- من هم المستثنون في هذه الآية؟
جرى الكلام بين المفسّرين في الطائفةالمستثناة من الحكم: إِلَّا الَّذِينَعاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِالْحَرامِ فمن هؤلاء المستثنون في هذهالآية؟! إلّا أنّه بملاحظة الآياتالسابقة، يظهر أن المراد من هذه الجملة همأولئك الذين بقوا على عهدهم و وفائهم، أيالقبائل التي هي من بني ضمرة و بني كنانة وبني خزيمة و أضرابهم.و في الحقيقة فإنّ هذه الجملة بمنزلةالتأكيد للآيات السابقة، فإنّ علىالمسلمين أن يكونوا حذرين واعين، و أنيعرفوا هؤلاء الأوفياء بالعهد و يميزوهمعن سواهم الناكثين للعهد.و ما قوله تعالى: عاهَدْتُمْ عِنْدَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ فلعل هذا التعبيريشير إلى ما كان من معاهدة بين المسلمين والمشركين في السنة السادسة للهجرة، عندصلح الحديبية على بعد خمسة عشر ميلا عنمكّة، فقد التحق جماعة آخرون من مشركيالعرب كالقبائل المشار إليها آنفا بهذهالمعاهدة حيث عاهدوا المسلمين عن تركالخصام، إلّا أن مشركي قريش نقضوا عهدهم،ثمّ أسلموا في السنة الثامنة عند فتحمكّة، أمّا الجماعة التي التحقت حينئذ منالمشركين بمن عاهد المسلمين، فلم يسلموا ولم ينقضوا عهدهم.(1) سورة البروج، الآية 8.