6- حقيقة تأريخية يسعى بعضهم إلى طمسمعالمها
من المتفق عليه بين جميع المؤرخين والمفسّرين تقريبا أنّه لما نزلت الآياتالأولى من سورة براءة، و ألغيت العهودالتي كانت بين المشركين و المسلمين، أمرالنّبي أبا بكر أن يبلغ هذه الآيات في موسمالحج، ثمّ أخذها منه و أعطاها عليا عليهالسلام ليقوم بتبليغها، فقرأها علي علىالناس في موسم الحج. و بالرغم من اختلافالرّوايات في جزئيات هذه القصة و جوانبهاالمتفرقة، إلّا أن ذكر النقاط التاليةيمكن أن يجلو لنا حقيقة ناصعة:1- يروي أحمد بن حنبل- إمام أهل السنةالمعروف- في مسنده عن ابن عباس، أنّ النّبيصلّى الله عليه وآله وسلّم أرسل فلانا«المقصود بفلان هو أبو بكر كما سيتّضح ذلكبعدئذ» و أعطاه سورة التوبة ليبلغها الناسفي موسم الحج، ثمّ أرسل عليّا خلفه و أخذهامنه و قال صلّى الله عليه وآله وسلّم «لا يذهببها إلّا رجل منّي و أنا منه» «1».2- كما جاء في المسند ذاته عن أنس بن مالك،أنّ النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّمأرسل سورة براءة مع أبي بكر ليبلغها،فلمّا وصل أبو بكر إلى ذي الحليفة- و يدعىبمسجد الشجرة أيضا- و هو و على بعد مسافةفرسخ عن المدينة تقريبا،قال النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم:«لا يبلغها إلّا أنا أو رجل من أهل بيتي»فبعث بها مع علي عليه السلام «2».3- و ورد أيضا في المسند نفسه- بإسناد آخر- عنأمير المؤمنين علي عليه السلام أنّه لمابعثه النّبي و معه براءة قال: يا رسولاللّه لست خطيبا، فقال النّبي صلّى اللهعليه وآله وسلّم: لا محيص عن ذلك، فإمّا أنأذهب بها أو تذهب بها، فقال علي: إذا كان ولا بدّ فأنا أذهب بها. فقال له النّبي صلّىالله عليه وآله وسلّم: «انطلق بها فإنّاللّه يثبت لسانك و يهدي قلبك» «3».4- و ينقل النسائي- أحد كبار علماء السنة-في خصائصه،عن زيد بن(1) مسند أحمد بن حنبل، ج 1، ص 331، ط مصر.!(2) مسند أحمد بن حنبل، ج 3، ص 212.(3) مسند أحمد بن حنبل، ج 1، ص 150.