و في الحقيقة فإنّه مع انتهاء قصة فرعونبدأت مشكلة موسى الداخلية الكبرى، يعنيمشكلته مع جهلة بني إسرائيل، و الأشخاصالمتعنتين و المعاندين.
و كانت هذه المشكلة أشدّ على موسى عليهالسلام و أثقل بمراتب كثيرة- كما سيتّضح منقضية مواجهته لفرعون و الملأ و هذه هيخاصية المشاكل و المجابهات الداخلية.
في الآية الأولى: وَ جاوَزْنا بِبَنِيإِسْرائِيلَ الْبَحْرَ أي النيل العظيم.
و لكن في مسيرهم مرّوا على قوم يخضعونللأصنام فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍيَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ.
و «عاكف» مشتقّة من مادة «العكوف» بمعنىالتوجه إلى شيء و ملازمته المقارنةلاحترامه و تبجيله.
فتأثّر الجهلة الغافلون بهذا المشهدبشدّة إلى درجة قالوا لموسى من دون إبطاء:يا موسى اتّخذ لنا معبودا على غرارمعبودات هؤلاء قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْلَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ.
فانزعج موسى عليه السلام من هذا الافتراحالأحمق بشدّة، و قال لهم: قالَ إِنَّكُمْقَوْمٌ تَجْهَلُونَ.
بحوث
و هنا لا بدّ من الانتباه إلى نقاط:
1- الجهل منشأ الوثنية
يستفاد من هذه الآية بوضوح أنّ منشأالوثنية هو جهل البشر باللّه تعالى منجانب، و عدم معرفته بذاته المقدسة و أنّهلا يتصور له شبيه أو نظير أو مثيل.
و من جانب آخر جهل الإنسان بالعلل الأصليةلحوادث العالم الذي يتسبب