خيانة. «1»
و في الحقيقة إنّ من أكبر عوامل الشقاءالتي يعاني منها الناس في هذه الحياة، ومصدر الكثير من الصراعات الإجماعيةالواسعة التي تؤدي- مضافا إلى الخسائرالفادحة في المال و النفس- الى زعزعةالاستقرار الروحي، هو الحسد و الحقد.
فنحن نعرف الكثير ممن لا ينقصهم شيء فيالحياة، و لكنّهم يعانون من الحسد و الحقدللآخرين، و هو عذابهم الوحيد الذي يعكرصفو حياتهم و يضيق عليهم رحبها، و يتركمعيشة هؤلاء المرفهين ساحة تجوال عساكرالحزن و الغم، و تدفعهم إلى سلوكيات مرهقةو غير منطقية.
إنّ أهل الجنّة معافون من هذه الشقاوات والمحن بالكلية، لأنّهم لا يتصفون بهذهالصفات القبيحة، فلا حسد و لا حقد فيقلوبهم، و لهذا لا يتعرضون لعواقبهاالنكرة. إنّهم يعيشون معا في منتهى التوادو التحابب و الصفاء و السكينة.
إنّهم راضون عن وضعهم الذي هم فيه، حتىالذين يعيشون في مراتب أدنى من الجنّة لايحسدون من فوقهم أبدا، و لهذا تنحل أعظممشكلة تعترض طريق التعايش السلمي.
و لقد نقل بعض المفسّرين حديثا في المقامعن السدّي قال: «إنّ أهل الجنّة إذا سيقواإلى الجنّة وجدوا عند بابها شجرة في أصلساقها عينان فيشربون من إحداهما فينزع مافي صدورهم من غلّ، فهو الشراب الطهور، واغتسلوا من الأخرى فجرت عليهم نضرةالنعيم، فلن يشعثوا و لن يشحبوا بعدهاأبدا» «2» إن هذا الحديث و إن لم ينته سندهإلى النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم والأئمّة عليهما السلام و إنّما رواه أحدالمفسّرين و هو «السّدي» و لكنّه لا يبعدأن يكون قد روي عن النّبي صلّى الله عليهوآله وسلّم في
(1) للمزيد من التوضيح راجع الآية (161) منسورة آل عمران. (2) تفسير المنار، المجلد 8،