امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 5 -صفحه : 636/ 461
نمايش فراداده

و تبدأ الآيات فتعرف هذه الطائفة بأنّهاشر الأحياء الموجودة في هذه الدنيا فتقول:إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِالَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لايُؤْمِنُونَ.

و لعل التعبير بـ الَّذِينَ كَفَرُوايشير إلى أنّ كثيرا من يهود المدينة كانوايعلنون حبّهم للنبي و إيمانهم به قبل أنيظهر صلّى الله عليه وآله وسلّم وفقا لماوجدوه مكتوبا عنه في كتبهم، حتى أنّهمكانوا يدعون الناس و يمهدون الأمورلظهوره. و لكنّهم و بعد أن ظهر وجدوا أنّمصالحهم المادية مهددة بالخطر، فكفروا بهو أظهروا عنادا شديدا في هذا الأمر حتى لمتبق بارقة أمل بإيمانهم، و كما يقولالقرآن الكريم: فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ.

و تقول الآية الأخرى: الَّذِينَ عاهَدْتَمِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْفِي كُلِّ مَرَّةٍ «1». و المغروض أنيراعوا الحياد على الأقل فلا يكونوا بصددالإضرار بالمسلمين و إعانة الأعداء عليهم.

فلا هم يخافون اللّه تعالى، و لا يحذرونمن مخالفة أوامره، و لا يراعون القواعد والأصول الانسانية: وَ هُمْ لا يَتَّقُونَ.

و التعبير بـ «ينقضون» و «لا يتقون» و همافعلان مضارعان، هذا التعبير بهما يدلّ علىالاستمرار، كما أنّه يدل على أنّهم قدنقضوا عهودهم مرارا. «2».

و الآية بعدها توضح كيفية أسلوب مواجهةهؤلاء فتقول: فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْفِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْخَلْفَهُمْ أي قاتلهم بشكل مد مرّ بحيث أنالطوائف القابعة خلفهم لإمدادهم يعتبروابذلك و يتفرقوا عنهم.

و كلمة «تثقفنهم» مأخوذة من مادة «الثقف»على زنة «السقف» بمعنى بلوغ‏

(1) «من» في جملة «عاهدت منهم» إمّاللتبعيض فتعني أنّك عاهدت سادتهم أوالبارزين من يهود المدينة، أو أنّها للصلةفتكون معناها عاهدتهم ...

كما يرد هذا الاحتمال و هو أن معنى «عاهدتمنهم» هو أخذت العهد منهم.

(2) بالإضافة إلى ما ذكرنا في المتن فهناكقرينة لفظية تدل على هذا المعنى أيضا و هي«في كل مرّة» ...