و ممّا يثير النظر و يسترعيه أنّ الآيةهنا جمعت التعبير بـ «عدوّ اللّه» و«عدوّكم» و ذلك إشارة إلى عدم وجود منافع وأغراض شخصية في الجهاد و الدفاع عنالإسلام، بل الهدف هو حفظ رسالة الإسلامالإنسانية، فالذين يعادونكم إنّما همأعداء اللّه و أعداء الحق و العدل والإيمان و التوحيد و الأخلاق الإنسانية،فينبغي الردّ عليهم انطلاقا من هذاالمجال.
و في الحقيقة إنّ هذا التعبير شبيهبالتعبير «في سبيل اللّه» أو «الجهاد فيسبيل اللّه» الذي يدلّ على أنّ الجهاد أوالدفاع الإسلامي لا يشبه فتح البلدان فيما مضى من التأريخ، و لا غزو الاستعمارالتوسعي اليوم، و لا في صورة إغاراتالقبائل العربية في زمن الجاهلية، بل كلذلك من أجل اللّه و في سبيل اللّه، و فيمسير إحياء الحق و العدل.
ثمّ تضيف الآية بأنّ المزيد مناستعداداتكم العسكرية يخيف أعداء آخرينلا تعرفونهم فتقول: وَ آخَرِينَ مِنْدُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ.
بالرّغم من أنّ المفسّرين احتملوا في هذهالطائفة: الذين لا تعلمونهم احتمالاتكثيرة، فقال بعضهم: إنّهم يهود المدينةالذين كانوا يضمرون عداءهم، و قال آخرون:إنّها إشارة إلى الأعداء مستقبلا، كدولةالروم و الفرس اللتين لم يحتمل المسلمونيومئذ أنّهم سيكونون في حرب معهما أو يقعالقتال بينهما و بينهم.
إلّا أنّ الأصح- كما نراه- هو أن المرادمنها هم المنافقون الذين دخلوا في صفوفالمسلمين دون أن يعلموهم، فإذا قوى جيشالإسلام فإنّ أولئك سيقعون