المجال للتفكير حتى يبيّن له محتوى دعوتكفي كمال الإرادة و الحرية، فإذا أشرقتأنوار الهداية في قلوبهم فسيؤمنون بدعوتك.
ثمّ تضيف الآية قائلة: ثُمَّ أَبْلِغْهُمَأْمَنَهُ و أوصله إلى مكان آمن حتى لايعترضه أحد في طريقه.
و أخيرا فإنّ الآية تبين علة هذا الحكم،فتقول: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لايَعْلَمُونَ.
فبناء على ذلك لو فتحت أبواب اكتسابالمعرفة بوجوههم، فإنّه يؤمّل فيهمخروجهم من الوثنية التي هي وليدة الجهل- والتحاقهم بركب التوحيد الذي هو وليد العلمو المعرفة.
و قد ورد في كتب السنة و الشيعة أنّ أحدالمشركين (عبدة الأصنام) سأل عليّا عليهالسلام بعد إلغاء المعاهدة فقال: يا ابنأبي طالب، لو أراد أحد أن يواجه النّبي بعدهذه المدّة «الأشهر الأربعة» و يسأله أويسمع كلام اللّه منه، أهو آمن؟! فقال عليعليه السلام: أجل، إنّ اللّه يقول: وَ إِنْأَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَفَأَجِرْهُ «1».
و هكذا تتوازن و تتساوى كفتا الشدّةالمستفادة من الآية الأولى- محل البحث- واللين المستفاد من الآية التي تليها، فإنّسبيل التربية قائم على الشدة المشفوعةباللين، ليكون منهما الدواء الناجع.
بالرّغم من أنّ المفسّرين قد بحثوا كثيرافي هذا الشأن، إلّا أنّه- مع ملاحظة ما جاءفي الآيات المتقدمة- يظهر أنّ المراد منهاهي أربعة الأشهر التي كانت مدّة
(1) تفسير البرهان، ج 2، ص 106 و تفسير الفخرالرازي، ص 226.