و تشير الآية إلى الشرط الخامس و الأخيرفتقول: وَ لَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ.
فقلبه مليء بعشق اللّه، و لا يحسّ إلّابالمسؤولية في امتثال أمره و لا يرى لأحدمن عبيده أثرا في مصيره و مصير مجتمعه وتقدمه، هم أقل من أن يكون لهم أثر في عمارةمحل للعبادة.
ثمّ تضيف الآية معقبة بالقول: فَعَسىأُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَالْمُهْتَدِينَ فيبلغون أهدافهم و يسعونلعمارة المسجد.
هل تعني عمارة المسجد بناءه و تأسيسه وترميمه، أو تعني الاجتماع فيه و المساهمةفي الحضور عنده؟! اختار بعض المفسّرين أحدهذين المعنيين في تفسير «عمارة المسجد» فيالآية- محل البحث- غير أنّ الآية ذات مفهومواسع يشمل هذه الأمور و ما شاكلّها جميعا.فليس للمشركين أن يحضروا في المساجد، وليس لهم أن يبنوا مسجدا- و ما إلى ذلك- بلعلى المسلمين أن يقوموا بكل ذلك.
و يستفاد من الآية- ضمنا- أنّه لا ينبغيللمسلمين أن يقبلوا من المشركين- بل جميعالفرق غير الإسلامية- هدايا أو إعاناتللمساجد و بنائها، لأنّ الآية الأولى و إنكانت تتكلم على المشركين، لكنّ الآيةالثّانية بدأت بكلمة «إنما» لتدل على أنعمارة مساجد اللّه خاصّة بالمسلمين.
و من هنا يتّضح أيضا أنّ متولي المساجد ومسئوليها ينبغي أن يكونوا من أنزه الناس،و لا ينتخب لهذه المهمّة من لا حريجة له فيالدين طمعا في ماله و ثروته، أو مقامهالاجتماعي كما هو الحال في كثير منالبلاد، إذ تولّى مساجدها