لها، و تصرّح الآية الأولى منهما بالقول:ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوامَساجِدَ اللَّهِ شاهِدِينَ عَلىأَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ.و شهادتهم على كفرهم جلية من خلالأحاديثهم و و أعمالهم، بل هي واضحة فيطريقة عبادتهم و مراسم حجّهم.ثمّ تشير الآية إلى فلسفة هذا الحكمفتقول: أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ.و لذلك فهي لا تجديهم نفعا: وَ فِيالنَّارِ هُمْ خالِدُونَ.فمع هذه الحال لا خير في مساعيهم لعمارةالمسجد الحرام و بنائه و ما إلى ذلك، كمالا فائدة من كثرتهم و احتشادهم حول الكعبة.فاللّه طاهر منزّه، و ينبغي أن يكون بيتهطاهرا منزّها كذلك، فلا يصح أن تمسهالأيدي الملوثة بالشرك.أمّا الآية التّالية فتذكر شروط عمارةالمسجد الحرام- إكمالا للحديث آنف الذكر-فتبيّن خمسة شروط مهمّة في هذا الصدد،فتقول، إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَاللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ.و هذا النص إشارة إلى الشرطين الأوّل والثّاني، اللذين يمثلان الأساس العقائدي،فما لم يتوفر هذان الشرطان لا يصدر منالإنسان أي عمل خالص نزيه، بل لو كان عملهفي الظاهر سليما فهو في الباطن ملّوثبأنواع الأغراض غير المشروعة.ثمّ تشير الآية إلى الشرطين الثّالث والرّابع فتقول: وَ أَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ.أي أن الإيمان باللّه و اليوم الآخر لايكفي أن يكون مجرّد ادعاء فحسب، بل تؤيدهالأعمال الكريمة، فعلاقة الإنسان باللّهينبغي أن تكون قوية محكمة، و أن يؤدي صلاتهبإخلاص، كما ينبغي أن تكون علاقته بعباداللّه و خلقه قوية، فيؤدي الزكاة إليهم.