عقيب ذكر رسالة نوح و الدروس الغنيةبالعبر الكامنة فيها، عمد القرآن الكريمإلى إعطاء لمحة سريعة عن قصّة نبي آخر منالأنبياء العظام، و هو النّبي هود عليهالسلام، و ذكر ما جرى بينه و بين قومه.
و هذه القصّة ذكرت في سور أخرى من القرآنالكريم مثل سورة «الشعراء» و سورة «هود»التي تناولت هذه القصّة بشيء منالتفصيل، و أمّا في الآيات الحاضرة فقدذكر شيء مختصر عمّا دار بين هود والمعارضين له و نهايتهم.
يقول تعالى أوّلا: و لقد أرسلنا إلى قومعاد أخاهم هودا وَ إِلى عادٍ أَخاهُمْهُوداً.
و قوم «عاد» كانوا أمّة تعيش في أرض«اليمن» و كانت أمّة قوية من حيث المقدرةالبدنية و الثروة الوافرة التي كانت تصلإليهم عن طريق الزراعة و الرعي، و لكنّهاكانت متخمة بالانحرافات الاعتقادية وبخاصّة الوثنية و المفاسد الأخلاقيةالمتفشية بينهم.
و قد كلّف «هود» الذي كان منهم- و كانيرتبط بهم بوشيجة القربى- من جانب اللّهبأن يدعوهم إلى الحق و مكافحة الفساد، ولعل التعبير بـ «أخاهم» إشارة إلى هذهالوشيجة النسبية بين هود و قوم عاد.
ثمّ إنّه يحمل أيضا أن يكون التعبير بـ«الأخ» في شأن النّبي هود، و كذا في شأنعدّة أشخاص آخرين من الأنبياء الإلهيينمثل نوح عليه السلام (سورة الشعراء الآية106) و صالح (سورة الشعراء الآية 142) و لوط(سورة الشعراء الآية 161) و شعيب (سورةالأعراف الآية 85) إنّما هو لأجل أنّهمكانوا يتعاملون مع قومهم في منتهى الرحمة،و المحبّة مثل أخ حميم، و لا يألون جهدا فيإرشادهم و هدايتهم و دعوتهم إلى الخير والصلاح.