لم أعرف أحدا منهم، فعرّفه رسول اللّهصلّى الله عليه وآله وسلّم بهم، فقالحذيفة: ألا ترسل إليهم من يقتلهم؟ فقال:«إني أكره أن تقول العرب: إنّ محمّدا لماانقضت الحرب بينه و بين المشركين وضع يدهفي قتل أصحابه».
و قد نقل سبب النزول هذا عن الإمام الباقرعليه السّلام، و جاء أيضا في العديد من كتبالتّفسير و الحديث.
و ذكر سبب آخر للنزول و هو: أنّ مجموعة منالمنافقين لما رأوا النّبي صلّى الله عليهوآله وسلّم و قد تهيّأ للقتال و اصطف أمامالأعداء، قال هؤلاء بسخرية: أ يظن هذاالرجل أنّه سيفتح حصون الشام الحصينة ويسكن قصورها، إن هذا الشيء محال، فأطلعاللّه نبيّه على ذلك، فأمر رسول اللّهصلّى الله عليه وآله وسلّم أن يسدوا عليهمالمنافذ و الطرق، ثمّ ناداهم و لا مهم وأخبرهم بما قالوا، فاعتذروا بأنّهم إنّماكانوا يمزحون و أقسموا على ذلك.
لا حظنا في الآيات السابقة كيف أنّالمنافقين اعتبروا نقاط القوّة في سلوكالنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم نقاطضعف، و كيف حاولوا استغلال هذه المسألة منأجل بثّ التفرقة بين المسلمين. و في هذهالآيات إشارة إلى نوع آخر من برامجهم وطرقهم.
فمن الآية الأولى يستفاد أنّ اللّهسبحانه و تعالى يكشف الستار عن أسرارالمنافقين أحيانا، و ذلك لدفع خطرهم عنالنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم و فضحهمأمام الناس ليعرفوا حقيقتهم، و يحذروهم وليعرف المنافقون موقع اقدامهم و يكفّوا عنتآمرهم، و يشير القرآن إلى خوفهم من نزولسورة تفضحهم و تكشف خبيئة أسرارهم فقال:
يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَعَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمافِي قُلُوبِهِمْ.
إلّا أنّ العجيب في الأمر أن هؤلاء و لشدةحقدهم و عنادهم لم يكفّوا عن استهزائهم وسخريتهم، لذلك تضيف الآية: بأنّهم مهماسخروا من أعمال النّبي صلّى الله عليهوآله وسلّم