فوصلت إليه ثروة عظيمة، و على رواية أخرىأنّه اشترى غنما، فلم تزل تتوالد حتى أصبححفظها و رعايتها في المدينة أمرا غيرممكن، فاضطر أن يخرج إلى أطراف المدينة،فألهته أمواله عن حضور الجماعة، بل و حتىالجمعة.
و بعد مدّة أرسل النّبي صلّى الله عليهوآله وسلّم عاملا إلى ثعلبة ليأخذ الزكاةمنه، غير أن هذا الرجل البخيل الذي عاشلتوّه حياة الرفاه امتنع من أداء حقوقاللّه تعالى، و لم يكتف بذلك، بل اعترض علىحكم الزّكاة و قال: إنّ حكم الزكاةكالجزية، أي أنّنا أسلمنا حتى لا نؤديالجزية، فإذا وجبت علينا الزكاة فأي فرقبيننا و بين غير المسلمين؟
قال هذا في الوقت الذي لم يفهم معنىالجزية و لا معنى الزكاة، أو أنّه فهمه،إلّا أن حبّ الدنيا و تعلقه بها لم يسمح لهببيان الحقيقة و إظهار الحق، فلمّا بلغالنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ماقاله
قال: «يا ويح ثعلبة! يا ويح ثعلبة»
، فنزلت هذه الآيات.
و قد ذكرت أسباب أخر لنزول هذه الآياتتشابه قصّة ثعلبة مع اختلاف يسير.
و يفهم من أسباب النزول المذكورة و منمضمون الآيات أنّ هذا الشخص- أو الأشخاصالمذكورين- لم يكونوا من المنافقين فيبداية الأمر، لكنّهم لهذه الأعمال ساروافي ركابهم.
هذه الآيات في الحقيقة تضع إصبعها على صفةأخرى من صفات المنافقين السيّئة، و هي أنّهؤلاء إذا مسّهم البؤس و الفقر و المسكنةعزفوا على وتر الإسلام بشكل لا يصدق معهأحد أنّ هؤلاء يمكن أن يكونوا يوما من جملةالمنافقين، بل ربّما ذمّوا و لاموا الذينيمتلكون الثروات و القدرات الواسعة علىعدم استثمارها في خدمة المحرومين و مساعدةالمحتاجين!