امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 6 -صفحه : 584/ 166
نمايش فراداده

التّفسير

لا تصغوا إلى أعذارهم و أيمانهم الكاذبة

تستمر هذه السلسلة من الآيات في الحديث عنالأعمال الشيطانية للمنافقين، و تزيحالستار عنها الواحد تلو الآخر، و تحذرالمسلمين من الانخداع بريائهم أو الوقوعتحت تأثير كلماتهم المعسولة.

الآية الأولى تبيّن للمسلمين أن هؤلاءإذا علموا بقدومكم فسيأتون يَعْتَذِرُونَإِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ.إن التعبير بـ (يعتذرون) بصيغة المضارع،يظهر منه أن اللّه تعالى قد أطلع النّبيصلّى الله عليه وآله وسلّم من قبل على كذبالمنافقين، و أنّهم سيأتونهم ليعتذرواإليهم، و لذلك فإنّه تعالى علمهم كيفيةجواب هؤلاء إذا قدموا إليهم ليعتذروامنهم.

ثمّ يتوجه الخطاب إلى النّبي صلّى اللهعليه وآله وسلّم- باعتباره قائد المسلمين-بأن يواجه المنافقين قُلْ لاتَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ لأنّاعلى علم بأهدافكم الشيطانية و ما تضمرون وما تعلنون، إذ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُمِنْ أَخْبارِكُمْ. إلّا أنّه في الوقتنفسه سيبقى باب التوبة و الرجوع إلىالصواب مفتوحا أمامكم وَ سَيَرَى اللَّهُعَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ.

و احتمل البعض في تفسير هذه الآية أنّالتوبة ليست هي المقصودة من هذه الجملة،بل المقصود أن اللّه و رسوله سيطلعان علىأعمالكم و يريانها في المستقبل كما رأياهاالآن، و سيحبطان كل مؤامراتكم، و على هذافلا يمكن أن تصنعوا شيئا، لا اليوم و لاغدا، و لنا بحث مفصّل حول هذه الجملة، ومسألة عرض أعمال الأمة على نبيّها صلّىالله عليه وآله وسلّم سيأتي في ذيل الآية(105) من هذه السورة.

ثمّ قالت الآية: إنّ كل أعمالكم و نياتكمستثبت اليوم في كتبكم ثُمَّ تُرَدُّونَإِلى‏ عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِفَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْتَعْمَلُونَ.

و في الآية التالية إشارة أخرى إلى أيمانالمنافقين الكاذبين، و تنبيه للمسلمينعلى أنّ هؤلاء سيتوسلون باليمين الكاذبةلتغفروا لهم خطيئاتهم و تصفحوا عنهم‏