إلّا أنّ القرآن الكريم في الوقت نفسه-كما هي طريقته دائما- لم يبخس حقّ الآخرين،و ذكر كل الأقسام و الفئات الأخرى الذينالتحقوا في عصر النّبي صلّى الله عليهوآله وسلّم أو الأعصار التالية، و الذينهاجروا، أو آووا المهاجرين و نصروهم تحتعنوان التابعين بإحسان، و بشر الجميعبالأجر و الجزاء الحسن.
اصطلح جماعة من العلماء على أنّ كلمة«التابعين» تعني تلامذة الصحابة، وجعلوها من مختصاتهم، أي أولئك الذين لميروا النّبي الأكرم صلّى الله عليه وآلهوسلّم، لكنّهم تصدوا لاكتساب العلومالإسلامية و وسعوها، و بعبارة أخرى: إنّهماكتسبوا علومهم الإسلامية من صحابةالنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم.
و لكن مفهوم الآية- كما قلنا قبل قليل- منالناحية اللغوية و إلّا ينحصر بهذهالمجموعة و لا يختص بها، بل يشمل كل الفئاتو المجموعات التي اتبعت برامج و أهدافالطلائع الإسلامية و السابقون إلىالإسلام في كل عصر و زمان.
و توضيح ذلك أنّه على خلاف ما يعتقدهالبعض من أن الهجرة و النصرة- اللتين همامن المفاهيم الإسلامية البناءة- مختصتانبعصر النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم،فإنّهما توجدان في كل عصر- و حتى في عصرناالحاضر- و لكن بأشكال أخرى، و على هذا فإنّكل الأفراد الذين يسيرون في هذا المسير-مسير الهجرة و النصرة- يدخلون تحت هذينالمفهومين.
إذن، المهم أن نعلم أن القرآن الكريمبذكره كلمة (إحسان) يؤكّد على أن اتباع خطالسابقين إلى الإسلام، و السير في طريقهميجب أن لا يبقى في حدود الكلام و الادعاء،بل و حتى مجرّد الإيمان الخالي من العمل،بل يجب أن تكون هذه المتابعة أو الاتباعاتباعا فكريا و عمليا و في كل الجوانب.