امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 6 -صفحه : 584/ 259
نمايش فراداده

جماعة من أصحاب النّبي صلّى الله عليهوآله وسلّم انتشروا بين القبائل يدعونهمإلى الإسلام، فرحبّوا بهم و أحسنوا إليهم،إلّا أنّ بعضهم قد لا مهم على تركهم النّبيصلّى الله عليه وآله وسلّم و التوجهإليهم، و قد تأثر هؤلاء لذلك و رجعوا إلىالنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، فنزلتالآية تؤيد عمل هؤلاء في الدعوة إلىالإسلام، و أزالت قلقهم.

و روي سبب ثالث للنزول في تفسير«التبيان»، و هو أنّ الأعراب لما أسلمواتوجّهوا جميعا نحو المدينة لتعلم الأحكامالإسلامية، فسبّب ذلك ارتفاع قيمةالبضائع و المواد الغذائية، و إيجاد مشاكلو مشاغل أخرى لمسلمي المدينة، فنزلت الآيةو عرّفتهم بأنّه لا يجب توجههم جميعا إلىالمدينة و ترك ديارهم و أخلاؤها، بل يكفيأن يقوم بهذا العمل طائفة منهم.

التّفسير

محاربة الجهل و جهاد العدو

إنّ لهذه الآية ارتباطا بالآيات السابقةحول موضوع الجهاد، و تشير إلى حقيقةحياتية بالنسبة للمسلمين، و هي: أنّالجهاد و إن كان عظيم الأهمية، و التخلفعنه ذنب و عار، إلّا أنّه في غير الحالاتالضرورية لا لزوم لتوجه المؤمنون كافة إلىساحات الجهاد، خاصّة في الموارد التي يبقىفيها النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فيالمدينة، بل يبقى منهم جماعة لتعلم أحكامالدين و يتوجه الباقون إلى الجهاد: وَ ماكانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُواكَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّفِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌلِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ.

فإذا رجع أصحابهم من الجهاد يقومونبتعليمهم هذه الأحكام و المعارفالإسلامية، و يحذرونهم من مخالفتها: وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُواإِلَيْهِمْ و الهدف من ذلك أن يحذر هؤلاءعن مخالفة أوامر اللّه سبحانه بإنذارهملَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ.