ملاحظات
و هنا ملاحظات ينبغي التوقف عندها:1- إنّ ما قيل في تفسير هذه الآية إضافة إلىأنّه يناسب سبب نزولها المعروف، فإنّهالأوفق مع ظاهر جمل الآية من أي تفسير آخر،إلّا أنّ الشيء الوحيد هنا هو أنّنا يجبأن نقدر جملة «لتبقى طائفة» بعد «من كلطائفة» أي: لتذهب طائفة من كل فرقة، و تبقىطائفة أخرى، و هذا الموضوع بالطبع معملاحظة القرائن الموجودة في الآية لايستوجب إشكالا. (فتأمل بدقة).إلّا أنّ بعض المفسّرين احتمل عدم وجودأيّ تقدير في الآية، و المقصود أن جماعة منالمسلمين يذهبون إلى الجهاد تحت عنوانالواجب الكفائي، و يعرفون في ساحات الجهادأحكام الإسلام و تعاليمه، و يرون بأنفسهمانتصار المسلمين على الأعداء، الذي هوبذاته نموذج من آثار عظمة و أحقية هذاالدين، و إذا ما رجعوا يكونون أوّل من يشرحلإخوانهم ما جرى «1».و الاحتمال الثّالث الذي احتمله بعضالمفسّرين. و هو أنّ الآية تبيّن حكمامستقلا عن مباحث الجهاد، و هو أنّه يجب علىالمسلمين واجبا كفائيا أن ينهض من كل قومعدّة أفراد بمسؤولية تعلم الأحكام والعلوم الإسلامية، و يذهبوا إلى معاهدالعلم الإسلامية الكبيرة، و بعد تعلمهمالعلوم يرجعون إلى أوطانهم و يبدؤونبتعليم الآخرين «2».و لكن التّفسير الأوّل كما تقدم- أقرب إلىمفهوم الآية، و إن كانت إرادة كل هذهالمعاني ليس ببعيد «3».2- لقد تصور البعض وجود نوع من المنافاةبين هذه الآية و الآيات السابقة، إذ(1) اختار الطبري هذا الرأي، نقل ذلكالقرطبي في تفسيره، و ذكره جماعة منالمفسّرين في ذيل الآية كاحتمال.(2) هذا التّفسير يناسب سبب النزول الذيأورده المرحوم الشيخ الطوسي في التبيان.(3) نلفت انتباهكم إلى أنّنا نعتبر استعمالكلمة واحدة في عدّة معان أمرا جائزا.