إنّ ارتباط هذه الآية بالآيات السابقةواضح جدّا، لأنّ الكلام كان يدور حولالمنافقين، غاية ما في الأمر أنّ هذهالآية تزيح الستار عن عمل آخر من أعمالالمنافقين، و هو أن هؤلاء عند ما رأوا أنأمرهم قد انكشف، أنكروا ما نسب إليهم بلأقسموا باليمين الكاذبة على مدّعاهم.في البداية تذكر الآية أن هؤلاءالمنافقين لا يرتدعون عن اليمين الكاذبةفي تأييد إنكارهم، و لدفع التهمة فإنّهميَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا فيالوقت الذي يعلمون أنّهم ارتكبوا ما نسبإليهم من الكفر وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَالْكُفْرِ و على هذا فإنّهم قد اختارواطريق الكفر بعد إعلانهم الإسلام وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ.. و منالبديهي أن هؤلاء لم يكونوا مسلمين منذالبداية، بل إنّهم أظهروا الإسلام فقط، وعلى هذا فإنّهم بإظهارهم الكفر قد هتكوا ومزّقوا حتى هذا الحجاب المزيف الذي كانوايتسترون به.و فوق كل ذلك فقد صمّموا على أمر خطير لميوفقوا لتحقيقه وَ هَمُّوا بِما لَمْيَنالُوا و يمكن أن يكون هذا إشارة إلى تلكالمؤامرة لقتل النّبي صلّى الله عليه وآلهوسلّم في ليلة العقبة، و التي مرّ ذكرهاآنفا، أو أنّه إشارة إلى كل أعمالالمنافقين التي يسعون من خلالها إلى تحطيمالمجتمع الإسلامي و بثّ بذور الفرقة والفساد و النفاق بين أوساطه، لكنّهم لنيصلوا إلى أهدافهم مطلقا.ممّا يستحق الانتباه أن يقظة المسلمينتجاه الحوادث المختلفة كانت سببا في معرفةالمنافقين و كشفهم، فقد كان المسلمون-دائما- يرصدون هؤلاء، فإذا سمعوا منهمكلاما منافيا فإنّهم يخبرون النّبي صلّىالله عليه وآله وسلّم به من أجل منعهم وتلقي الأوامر فيما يجب عمله تجاه هؤلاء.إنّ هذا الوعي و العمل المضاد المؤيّدبنزول الآيات أدى إلى فضح المنافقين وإحباط مؤامراتهم و خططهم الخبيثة.