الحكمة الثّالثة، المنتظرون بحق لايذوبون في المحيط الفاسد:
إنّ الأثر المهم الآخر للانتظار هو عدمذوبان المنتظرين في المحيط الفاسد، و عدمالانقياد وراء المغريات و التلوّث بهاأبدا.و توضيح ذلك: أنّه حين يعم الفسادالمجتمع، أو تكون الأغلبية الساحقة منهفاسدة، فقد يقع الإنسان النقي الطاهر فيمأزق نفسي، أو بتعبير آخر: في طريق مسدود«لليأس من الإصلاحات التي يتوخّاها».و ربّما يتصور «المنتظرون» أنّه لا مجالللإصلاح، و أن السعي و الجدّ من أجل البقاءعلى «النقاء» و الطهارة و عدم التلوّث، كلذلك لا طائل تحته، أو لا جدوى منه، فهذااليأس أو الفشل قد يجرّ الإنسان نحوالفساد و الاصطباغ بصبغة المجتمع الفساد،فلا يستطيع المنتظرون عندئذ أن يحافظواعلى أنفسهم باعتبارهم أقليّة صالحة بينأكثرية طالحة، و أنّهم سيفتضحون إن أصرواعلى مواصلة طريقهم و ينكشفون لأنّهم ليسواعلى شاكلة الجماعة.و الشيء الوحيد الذي ينعش فيهم الأمل ويدعوهم الى المقاومة و التجلد و عدمالذّوبان و الانحلال في المحيط الفاسد، هورجاؤهم بالإصلاح النهائي، فهم في هذهالحال- فحسب- لا يسأمون عن الجد والمثابرة، بل يواصلون طريقهم في