من المسائل المهمّة التي تستفاد من هذهالآيات، مسألة مجازاة المجرمين والفاسدين عن طريق الحصار الاجتماعي و قطعالروابط و العلاقات، فنحن نرى أن قطعالروابط هذا قد وضع هؤلاء الثلاثة في شدةكانت أصعب عليهم من كل السجون بحيث ضاقتعليهم الدنيا تحت وطأت الحصار الاجتماعي وقطعوا الأمل من كل شيء.إنّ هذا الأسلوب قد أثر في المجتمعالإسلامي آنذاك تأثيرا قويا جدّا، بحيثقلّ بعد هذه الحادثة من يجرءوا أن يرتكبوامثل هذه المعاصي.إنّ هذا النوع من العقاب لا يحتاج إلىمتاعب و ميزانية السجون، و ليس فيه خاصيةتربية الكسالى و الأشرار كما هو حالالسجون، إلّا أنّ أثره أكبر و أشدّ منتأثير أي سجن، فهو نوع من الإضراب و الجهادالسلبي للمجتمع مقابل الأفراد الفاسدين،فإنّ المسلمين إذا أقدموا على مثل هذهالمجابهة في مقابل المتخلفين عن أداءالواجبات الاجتماعية الحساسة، فإنّ النصرسيكون حليفهم قطعا، و سيكون بامكانهمتطهير مجتمعهم بكل سهولة.أمّا روح المجاملة و المساومة والاستسلام التي سرت اليوم- مع الأسف- فيكثير من المجتمعات الإسلامية كمرض عضال،فإنّها لا تمنع و لا تقف أمام أمثال هؤلاءالمتخلفين، بل و تشجعهم على أعمالهمالقبيحة.
5- غزوة تبوك و نتائجها
منطقة «تبوك» هي أبعد نقطة وصل إليهاالنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فيغزواته، و هذه الكلمة في الأصل اسم قلعةمحكمة و عالية كانت في الشريط الحدودي بينالحجاز و الشام، و لذلك سمّيت تلك المنطقةبأرض تبوك.إنّ انتشار الإسلام السريع في جزيرةالعرب كان سببا في أن يدوي صوت