ترسم الآيتان أعلاه حالة أخرى من أعمالالمنافقين بجلاء، إذ تقول الآية الأولى:وَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْلَمِنْكُمْ وَ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ و من شدّةخوفهم و فرقهم يخفون كفرهم و يظهرونالإيمان.و «يفرقون» من مادة «الفرق» على زنة«الشفق» و معناه شدّة الخوف.يقول «الراغب» في «المفردات» إن الفرق فيالأصل معناه التفرّق و التشتت، فكأنّهملشدّة خوفهم تكاد قلوبهم أن تتفرق وتتلاشى.و في الواقع أنّ مثل هؤلاء لما فقدوا مايركنون إليه في أعماقهم، فهم في هلع واضطراب عظيم دائم، و لا يمكنهم أن يكشفواعمّا في باطنهم لما هم عليه من الهلع والفزع، و حيث أنّهم لا يخافون اللّه «لعدمإيمانهم به»، فهم يخافون من كل شيء غيره،و يعيشون في استيحاش دائم، غير أنّالمؤمنين الصادقين ينعمون في