و هنا نلفت الأنظار إلى عدّة ملاحظات:1- إنّ نوع العمل هو المهم لا مقداره، و هذهالحقيقة في القرآن واضحة جلية، فالإسلاملم يستند في أي مورد إلى كثرة العمل ومقداره، بل هو يؤكّد دائما- و في كلالموارد- على أن الأساس هو نوع العمل وكيفيته، و هو يولي الإخلاص في العمل أهميةخاصّة، و الآيات المذكورة نموذج واضح لهذاالمنطق القرآني.و كما رأينا- أنّ القرآن الكريم مجّد عملامختصرا لعامل مسلم بقي يعمل إلى الصباح فياستقاء الماء بقلب يغمره عشق اللّه ومحبته، و ينبض بالمسؤولية تجاه مشاكلالمجتمع الإسلامي ليحصل على صاع من تمر ويقدّمه لمقاتلي الإسلام في لحظات حساسة وفي مقابل ذلك نرى القرآن قد ذمّ الذينحقّروا هذا العمل الصغير ظاهرا، الكبيرواقعا، و هدّدهم و أوعدهم بالعذاب الأليمالذي ينتظرهم.و من هذه الواقعة تتّضح حقيقة أخرى، و هيأنّ المسلمين في المجتمع الإسلاميالواقعي السالم يجب أن يحسوا جميعابالمسؤولية تجاه المشاكل التي تعترضالمجتمع و تظهر فيه، و لا يجب أن ينتظرواالأغنياء و المتمكنين يقوموا وحدهم بحلهذه المشاكل و المصاعب، بل على الضعفاءأيضا أن يساهموا بما يستطيعون، مهما صغر وقل ما يقدمونه، لأنّ الإسلام يتعلقبالجميع لا بفئة منهم، و على هذا، فعلىالجميع أن يسعوا في حفظ الإسلام و لو ببذلالنفوس و الدماء، و يعملوا بكل وجودهم منأجل حياته و صيانته. المهم أن كل فرد يجب أنيبذل ما يستطيع، و لا يلتفت إلى مقدارعطائه، فليس المعيار كثرة العطاء و قلته،بل الإحساس بالمسؤولية و الإخلاص فيالعمل.و من المناسب في هذا المقام أن نطالعحديثا نقلعن النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، حيثسئل:أي الصدقة أفضل؟ فقال صلّى الله عليه وآلهوسلّم: «جهد المقل».2- إنّ الصفة التي ذكرتها الآيات السابقةكسائر صفات المنافقين الأخرى لا