إذا علمنا أنّ الإسلام يظهر على أنّه مذهبأخلاقي أو فلسفي أو عقائدي بحت، بل ظهر إلىالوجود كدين و قانون كامل و شامل عولجت فيهكل الحاجات المادية و المعنوية في الحياة،و كذلك إذا علمنا أن تشكيل و تأسيس الدولةالإسلامية قد لازم ظهور الإسلام منذ عصرالنّبي الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم،و إذا علمنا أن الإسلام يهتم اهتماماخاصّا بنصرة المحرومين و مكافحة الطبقيةفي المجتمع اتضح لنا أنّ دور بيت المال والزكاة التي تشكل أحد موارده، من أهمالأدوار.لا شك أن في كل مجتمع أفرادا عاجزين عنالعمل، مرضى، يتامى، معوقين، و أمثالهم، وهؤلاء يحتاجون حتما إلى من يحميهم ويرعاهم و يقوم بشؤونهم.و كذلك يحتاج هذا المجتمع إلى جنود مضحينمن أجل حفظ وجوده و كيانه، أمّا مصاريفهؤلاء الجنود و نفقاتهم فإنّ الدولة هيالتي تلتزم بتأمينها و دفعها إليهم.و كذلك العاملون في الدولة الإسلامية،الحكام و القضاة، وسائل الإعلام و المراكزالدينية و غيرها، فكل قسم من هذه الأقساميحتاج إلى ميزانية خاصّة و مبالغ طائلة لايمكن تهيئتها دون أن يكون هناك نظام ماليمحكم منظم.و على هذا الأساس أولى الإسلام الزكاة-التي تعتبر في الحقيقة نوعا من الضرائبعلى الإنتاج و الأرباح، و على الأموالالراكدة- اهتماما خاصا، حتى أنّه اعتبرهامن أهم العبادات، و قد ذكرت- جنبا إلى جنب-مع الصلاة في كثير من الموارد، بل إنّهاعتبرها شرطا لقبول الصلاة.و أكثر من هذا أننا نقرأ في الرّواياتالإسلامية أنّ الدولة الإسلامية إذا طلبتالزكاة من شخص أو أشخاص و امتنع هؤلاء منذلك فسوف يحكم بارتدادهم، و إذا لم تنفعالنصيحة معهم و لم يؤثر الموعظة فيهم،فإنّ الاستعانة بالقوّة العسكريةلمقابلتهم أمر جائز.