الأولى: إنّ «الناصية» في اللغة معناهاالشعر المسترسل على الجبهة، و هي مشتقة من«نصا» و معناها الاتصال و الارتباط، و أخذبناصية فلان «كناية عن القهر و التسلطعليه» فما ورد في الجملة السابقة من الآيةمن قول الحق سبحانه:ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌبِناصِيَتِها إشارة إلى قدرته القاهرةعلى جميع الأشياء بحيث لا شيء في الوجودله طاقة المقاومة قبال هذه القدرة، لأنّمن أحكم الإمساك على شعر مقدم الرأس منالإنسان أو أي حيوان آخر، فإنّه يسلب منهالقدرة على المقاومة عادة.و الغرض من هذه العبارة أنّ المستكبرينالمغترين و عبدة الأوثان و الظالمينالباحثين عن السلطة لا يتصوروا أنّه إذاأخلي لهم الميدان لعدّة أيّام فذلك دليلعلى قدرتهم على المقاومة أمام قدرة اللّه،فعليهم أن يلتفتوا إلى هذه الحقيقة و أنينزلوا من مركب غرورهم.الثّانية: إنّ جملة رَبِّي عَلى صِراطٍمُسْتَقِيمٍ من أروع التعابير في الحكايةعن قدرة اللّه المقترنة بعدله، لأنّالمقتدرين في الغالب ظالمون و متجاوزونللحدود، و لكن اللّه سبحانه مع قدرته التيلا نهاية لهم فهو دائما على صراط مستقيم، وجادة صافية و نظم و حساب و دقة!.كما ينبغي الانتباه الى هذه المسألةالدقيقة، و هي أنّ كلام هود عليه السّلامللمشركين كان يبيّن هذه الحقيقة، و هي أنّالأعداء مهما لجوا في عنادهم و زادوا منلجاجتهم فإنّ القائد الحق ينبغي أن يزيدمن استقامته! فكما أن قوم هود خوّفوه بشدّةمن آلهتهم و «أوثانهم»، فإنّ هودا فيالمقابل أنذرهم بنحو أشدّ من قدرة اللّه