2- انتصار المنطق أم انتصر القوّة؟
هناك كلام بين المفسّرين في كيفية ظهورالدين الإسلامي على سائر الأديان، و هذاالظهور أو الإنتصار في أيّ شكل هو؟قال بعض المفسّرين: هذا الإنتصار انتصارمنطقي استدلالي فحسب، و يقولون بأن هذاالموضوع حاصل فعلا، لأنّ الإسلام من حيثمنطقه و دلائله لا يقاس به دين آخر.غير أنّ التحقيق في موارد استعمال مادة«الإظهار» في قوله تعالى: لِيُظْهِرَهُعَلَى الدِّينِ كُلِّهِ يكشف أنّ هذهالمادة غالبا ما تستعمل في القدرةالظاهرية و الغلبة المادية، كما جاء فيقصّة أصحاب الكهف: إِنَّهُمْ إِنْيَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ «1»و كما نقرأ في شأن المشركين كَيْفَ وَ إِنْيَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوافِيكُمْ إِلًّا وَ لا ذِمَّةً «2».فمن البديهي أنّ الغلبة في مثل هذهالموارد ليست غلبة منطقية، بل هي غلبةعينية و فعلية، و على كل حال فمن الأفضل والأكثر صحة أن نعتقد بأنّ هذا الظهور والغلب ظهور مطلق- من جميع الجوانب- لأنّهينسجم و مفهوم الآية التي هي مطلقة من جميعالجهات أيضا، فيكون المعنى أنّه سيأتي يومينتصر فيه الإسلام انتصارا منطقيا وانتصارا ظاهريا، في امتداد سيطرته و نفوذهالمطلق، و حكومته العامّة على جميعالأديان، و سيجعل جميع الأديان تحت شعاعه.1- الكهف، 20.2- التوبة، 8.