إن إحدى علامات المنافقين و أعمالهمالقبيحة و التي أشار إليها القرآن مراراهي إنكارهم الأعمال القبيحة و المخالفةللدين و العرف، و هم إنّما ينكرونها من أجلالتغطية على واقعهم السيء و إخفاءالصورة الحقيقية لهم، و لما كان المجتمعيعرفهم و يعرف كذبهم في هذا الإنكار فقدكانوا يلجؤون إلى الأيمان الكاذبة من أجلمخادعة الناس و إرضائهم.و في الآيات السابقة الذكر نرى أنّ القرآنالمجيد يكشف الستار عن هذا العمل القبيحليفضح هؤلاء من جهة، و يحذّر المسلمين منتصديق الإيمان الكاذبة من جهة أخرى.في البداية يخاطب القرآن الكريم المسلمينو ينبههم إلى أنّ هدف هؤلاء من القسم هوإرضاؤكم يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْلِيُرْضُوكُمْ، و من الواضح إذن أن هدفهؤلاء من هذه الأيمان لم يكن بيانالحقيقة، بل إنّهم يسعون عن طريق المكر والخديعة إلى أن يصوروا لكم الأشياء والواقع على غير صورته الحقيقة، و يصلون عنهذا الطريق إلى مقاصدهم، و إلّا فلو كانهدفهم هو إرضاء المؤمنين الحقيقيين عنهم،فإنّ إرضاء اللّه و رسوله أهم من إرضاءالمؤمنين، غير أنا نرى أنّهم بأعمالهم هذهقد أسخطوا اللّه و رسوله، و لذا عقبت الآيةفقالت: وَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَحَقُّأَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ.ممّا يلفت النظر أن الجملة المذكورة لماكانت تتحدث عن اللّه و رسوله، فعلىالقاعدة النحوية ينبغي أن يكون الضمير في«يرضوه» ضمير التثنية غير أن المستعمل هناهو ضمير المفرد، و هذا الاستعمال والتعبير يشير إلى أن رضا النّبي صلّى اللهعليه وآله وسلّم من رضا اللّه. بل أنّه لايرتضي من الأعمال إلّا ما يرتضيه اللّهسبحانه، و بعبارة أخرى: فإنّ هذا التعبيريشير إلى حقيقة (توحيد الأفعال)، لأنّالنّبي