نواجه في آخر آية- من الآيات محل البحث-منطقا محكما متينا يستبطن السّر الأساسلانتصارات المسلمين الأوائل جميعا، و لولم يكن للنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّممن تعليم و دستور إلّا ما نجده في هذهالآية لكان كافيا لانتصار أتباعه و مقتفيمنهاجه، و هو أنّه لا مفهوم للهزيمة فيصفحات أرواحهم فقد أثبتت الحوادث أنّهممنتصرون على كل حال، منتصرون إن استشهدتم!... منتصرون إن قتلتم أعداءكم! و إنّللمؤمنين مسلكين لا ثالث لهما، في أيّمنهما ساروا و سلكوا و صلوا إلى هدفهم وغايتهم.أحدها هو طريق الشهادة التي تمثل أوجالفخر للمؤمنين، و أعظم موهبة يمكن أنتتصور للإنسان أن يبيع اللّه نفسه، ويشتري الحياة الأبدية الخالدة و جواراللّه، و التنعم بما لا يمكن وصفه منالنعم.و الآخر هو الإنتصار على العدوّ و تدميرقواه الشيطانية، و تطهير البيئة و المحيطالإنساني من لوث الظالمين و المنحرفينالضالين، و هذا بنفسه فيض و لطف كبير و فخرمسلّم به.فالجندي الذي يدخل ساحة المعركة بهذهالروحية و المعنوية لا يفكر بالفرار والإدبار أبدا، و لا يخاف من أي أحد و لا منأي شيء، فالخوف و الاستيحاش و الاضطراب والتردد ليس لها طريق إلى قلبه و وجوده. والجيش الذي يتألف من جنود بهذه الروحية لايعرف الهزيمة إطلاقا.و لا يحصل الإنسان على هذه المعنوياتالعالية إلّا عن طريق اعتماد التعليماتالاسلامية، فلو أنّ هذه التعليمات تجلّتمرّة أخرى في نفوس المسلمين بالتربيةالسليمة و التعليم الصحيح لأمكن جبران كلاشكال التخلف الذي أصاب المسلمين.أولئك الذين يطالعون و يدرسون أسبابتقدّم المسلمين الأوائل و انتصارهم،