يستفاد من الآيات المتقدمة أنّ نوحا عليهالسّلام استمر يدعو ولده حتى بعد شروعالطوفان، و هذا دليل على أنّه لو آمن ابنه«كنعان» لقبل إيمانه.و يرد هنا سؤال و هو أنّه بالنظر إلى آياتالقرآن الأخرى و التي مرّت «نماذج» منها،تنصّ على أنّ أبواب التوبة تغلق بعد نزولالعذاب .. لأنّ المجرمين في هذه الحالة إذيرون العذاب محدقا بهم فالغالبية منهميتوبون عن إكراه و اضطرار لرؤية العذاببأعينهم، فعندئذ تكون توبتهم بلا محتوى وفاقدة للاعتبار.و لكن بالتدقيق في الآيات السابقة يمكنالجواب على هذا السؤال، هو أنّ شروعالطوفان و ما جرى في بداية الأمر، لم يكنعلامة واضحة للعذاب، بل كان يتصور أنّهمطر شديد لا مثيل له .. و على هذا فإنّ ابننوح حين قال لأبيه سَآوِي إِلى جَبَلٍيَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ ظنّا منه أنّالطوفان و المطر كانا طبيعيين. ففي هذهالحالة لا يبعد أن تكون أبواب التوبة ماتزال مفتوحة، و يمكن أن يرد سؤال آخر فيشأن ابن نوح، و هو أنّه لم نادى نوح ابنهدون سائر الناس في هذه اللحظة الحرجة؟! ويمكن أن يكون الجواب أنّ نوحا أدّى وظيفتهفي الدعوة العامّة للآخرين و بضمنها دعوتهلولده، إلّا أنّه كان يتحمل وظيفة أصعببالنسبة لولده، و هي وظيفة «الابوّة» إلىجانب وظيفة «النّبوة» فلهذا السبب كانيؤكّد على أداء وظيفته بالنسبة لولده إلىآخر لحظة.و الاحتمال الآخر و كما يقول المفسّرونأنّ ابن نوح لم يكن في صفّ الكفار و لا فيصف المؤمنين، بل كما يقول القرآن: كانَ فِيمَعْزِلٍ فلأنّه لم يكن مع