يكشف شأن النزول المذكور أن الإنسان متىأراد أن يتنصل من تحمل المسؤولية يسعىللتذرّع بشتى الحيل، كما تذرع المنافق جدبن قيس لعدم المشاركة في المعركة و ميدانالجهاد، بأنّه ربّما تأسره الوجوه النضرةمن بنات الروم و تختطف قلبه، فينسحب منالمعركة و يقع في إشكال شرعي!! ...و يذكرني قول جد بن قيس بكلام بعضالضالعين في ركاب الطاغوت، إذ كان يقول:إذا لم نضغط على الناس فإنّ ما نتسلمه منالراتب و الحقوق المالية مشكل شرعا. فمنأجل التخلص من هذا الإشكال الشرعي لا بدّمن إيذاء الناس و ظلمهم!.و على كل حال فإنّ القرآن يوجه الخطابللنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ليردّعلى مثل هذه الذرائع المفضوحة قائلا: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَ لاتَفْتِنِّي بالنساء و الفتيات الرومياتالجميلات.كما و يحتمل في شأن نزول الآية أن جد بنقيس كان يتذرع ببقاء امرأته و أطفاله وأمواله بلا حام و لا كفيل بعده ليتخلّص منالجهاد.و لكن القرآن يقول مجيبا عليه و أمثاله:أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَ إِنَّجَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ.أي أنّ أمثال أولئك الذين تذرّعوا بحجّةالخوف من الذنب- هم الآن واقعون فيه فعلا،و أن جهنم محيطة بهم، لأنّهم تركوا ماأمرهم اللّه و رسوله به وراء ظهورهم وانصرفوا عن الجهاد بذريعة الشبهةالشرعية!!