امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 6 -صفحه : 584/ 286
نمايش فراداده

و تتحدث الآية التالية- كما أشرنا- عنالمعاد، و تبيّن في جمل قصار أصل مسألةالمعاد، و الدليل عليها، و الهدف منها!.

فتقول أوّلا: إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْجَمِيعاً و بعد الاستناد إلى هذه المسألةالمهمّة و التأكيد عليها تضيف: وَعْدَاللَّهِ حَقًّا ثمّ تشير إلى الدليل علىذلك بقولها: إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَثُمَّ يُعِيدُهُ أي إنّ هؤلاء الذي يشكّونفي المعاد يجب عليهم أن ينظروا إلى بدءالخلق، فإنّ من أوجد العالم في البدايةيستطيع أن يعيده من جديد. و قد مر بيان هذاالاستدلال بصورة أخرى في الآية (29) من سورةالأعراف ضمن جملة قصيرة تقول: كَمابَدَأَكُمْ تَعُودُونَ و قد سبق شرح ذلكفي تفسير سورة الأعراف.

إنّ الآيات المرتبطة بالمعاد في القرآنتوضح أنّ العلة الأساسية في تشكيك و ترددالمشركين و المخالفين، هي أنّهم كانوايشكون في إمكان حدوث مثل هذا الشي‏ء، وكانوا يسألون بتعجب بأنّ هذه العظامالنخرة التي تحولت إلى تراب، كيف يمكن أنتعود لها الحياة و ترجع إلى حالتهاالأولى؟ و لهذا نرى أنّ القرآن قد وضعإصبعه على مسألة الإمكان هذه و يقول: لاتنسوا أن الذي يبعث الوجود من جديد، و يحييالموتى هو نفسه الذي أوجد الخلق فيالبداية.

ثمّ تبيّن الهدف من المعاد بأنّه لمكافأةالمؤمنين على جميع أعمالهم الصالحة حيث لاتخفى على اللّه سبحانه مهما صغرت:لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ أمّاأولئك الذين اختاروا طريق الكفر والإنكار، و لم تكن لديهم أعمال صالحة- لأنّالإعتقاد الصالح أساس العمل الصالح- فإنّالعذاب الأليم و أنواع العقوباتبانتظارهم: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْشَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَ عَذابٌ أَلِيمٌبِما كانُوا يَكْفُرُونَ.

و هنا نقطتان تسترعيان الانتباه:

1- لما لم يكن للّه سبحانه و تعالى مكانخاص، و خاصّة إذا علمنا أنّه موجود