و هنا يجب الالتفات إلى عدّة ملاحظات:
1- إنّ ما قرأناه في الآيات أعلاه غير مختصبعبدة الأوثان، بل هو قانون كلي ينطبق علىكل الأفراد الملوّثين من عبيد الدنياالمشغوفين بها فعند ما تحيط بهم أمواجالبلايا و المحن و تقصر أياديهم عن كلشيء، و لا يرون لهم ناصرا و لا معينا،فإنّهم سيمدون أيديهم بالدعاء بين يدياللّه سبحانه و يعاهدونه بألف عهد وميثاق، و ينذرون و يقطعون العهود بأنّهمإن تخلصوا من هذه البلايا و الأخطارسيفعلون كذا و كذا.
إلّا أنّ هذه اليقظة و الوعي التي هيانعكاس لروح التوحيد الفطري، لا تستمرطويلا عند أمثال هؤلاء، فبمجرّد أن يهدأالطوفان و تنقشع سحب البلاء، فإنّ حجبالغفلة ستغشي قلوبهم، تلك الحجب الكثيفةالتي لا تنقشع عن تلك القلوب إلّابالطوفان.
و رغم أنّ هذه اليقظة مؤقتة، و ليس لها أثرتربوي في الأفراد الملوّثين جدّا، أنّهاتقيم الحجّة عليهم، و ستكون دليلا علىمحكوميتهم.
أمّا الذين تلوثوا بالمعاصي قليلا،فإنّهم سيتنبهون في هذه الحوادث و يصلحونمسارهم. و أمّا عباد اللّه الصالحونفأمرهم واضح، فإنّ توجههم إلى اللّهسبحانه في السراء بنفس قدر توجههم إليه فيالضراء، لأنّهم يعلمون أن كل خير و بركةتصل إليهم، و تبدو ظاهرا أنّها نتيجةللعوامل الطبيعية، فإنّها في الواقع مناللّه تعالى.
و على كل حال، فإنّ هذا التذكير و التذكرقد جاء كثيرا في آيات القرآن المجيد.
2- لقد ذكرت «الرحمة» في الآيات أعلاهمقابل «الضراء»، و لم تذكر السراء، و هيإشارة إلى أنّ أي حسن و نعمة تصل إلىالإنسان فهي من اللّه سبحانه و رحمتهاللامتناهية. في حين أنّ السوء و النقماتإذا لم تكن للعبرة، فإنّها من آثار أعمال