امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 6 -صفحه : 584/ 376
نمايش فراداده

المواهب و الأرزاق منه، يجب أن يقبل هذهالحقيقة أيضا، و هي أنّ بيان حكم هذهالمواهب من حيث الحلية و الحرمة بيده، وإنّ التدخل في هذا العمل بدون إذنه عمل غيرصحيح.

الآية الأولى و جهت الخطاب إلى النّبيصلّى الله عليه وآله وسلّم و قالت: قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْمِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماًوَ حَلالًا إذا أنّهم طبقا لسننهمالخرافية حرموا قسما من الدواب باسم«السائبة» و «البحيرة» و «الوصيلة «1»»، وكذلك حرّموا جزءا من محاصيلهم الزراعية، وحرموا أنفسهم من هذه النعم الطاهرةالمحلّلة، إضافة إلى ذلك فإن كون الشي‏ءحراما أو حلالا ليس مرتبطا بكم، بل هو مختصبأمر اللّه خالق تلك الموجودات.

ثمّ تقول: قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْأَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ، أي إنّلهذا العمل صورتين لا ثالث لهما: فأمّا أنيكون بإذن اللّه، أو أنّه تهمة و افتراء، ولما كان الاحتمال الأوّل منتفيا، فلم يبقإلّا الثّاني.

الآن و قد أصبح من المسلم أنّ هؤلاء بهذهالأحكام الخرافية المبتدعة، إضافة إلىأنّهم حرموا من النعم الإلهية، فإنّهم قدافتروا على الساحة الإلهية المقدسة، ولذلك تضيف الآية: وَ ما ظَنُّ الَّذِينَيَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَيَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُوفَضْلٍ عَلَى النَّاسِ و لذلك فإنّه لسعةرحمته لا يعاقب هؤلاء فورا على أعمالهمالقبيحة.

إلّا أنّ هؤلاء بدل أن يستغلوا هذه الفرصةالإلهية و يشكروا اللّه على ذلك و ينيبواإليه، فإنّ أكثرهم غافلون: وَ لكِنَّأَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ.

و يحتمل في تفسير هذه الآية أيضا، أن كونكل هذه المواهب و الأرزاق- عدا

(1) (البحيرة) هي الحيوان الذي يلد عدّةمرّات، و (السائبة) هو البعير الذي أنتجعشرة أو اثني عشر ولدا، و (الوصيلة) كانتتطلق على الغنم إذا ولدت سبعة بطون. ولمزيد التوضيح راجع تفسير الآية (103) منسورة المائدة.