امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 6 -صفحه : 584/ 425
نمايش فراداده

موجودات لا يمكن اختراقها، غاية ما فيالأمر أنّ القرآن الكريم يبيّن هذاالموضوع بهذا التعبير: إِنَّ الَّذِينَحَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لايُؤْمِنُونَ.

و حتى إذا جاءتهم كل الآيات و الدلالاتفإنّهم لا يؤمنون: وَ لَوْ جاءَتْهُمْكُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَالْأَلِيمَ و لا أثر لإيمانهم في ذلكالوقت.

إنّ الآيات الأولى من الآيات مورد البحثتدعو عامّة الناس إلى المطالعة و التحقيقو السؤال من أهل العلم، ثمّ طلبت منهم أنينصروا الحق و يدافعوا عنه بعد أن اتّضحلهم. إلّا أنّ الآيات الأخيرة تقول: لاتتوقّع أن يؤمن كل هؤلاء، لأنّ البعض قدفسد قلبه بحيث لا يمكن إصلاحه، فلا يثبطكعدم ايمانهم عن مواصلة الطريق. و لا تتعبنفسك في سبيل هدايتهم، بل توجه إلىالأكثرية من الناس ممّن لهم أهليةالهداية.

و كما كررنا مرارا، فإنّ التعبيرات التيتشابه هذه الآية السابقة ليست دليلا علىالجبر أبدا، بل هي من قبيل ذكر آثار عملالإنسان، لكن لما كان أثر كل شي‏ء بأمراللّه، فإنّ هذه الأمور تنسب إلى اللّهأحيانا.

و يبدو أنّ ذكر هذه النقطة مهم أيضا، و هيأنّنا قرأنا في بعض الآيات السابقة في شأنفرعون أنّه قد أظهر الإيمان بعد نزولالعذاب و الوقوع في قبضة الطوفان، إلّا أنمثل هذا الإيمان لما كان يتصف بالاضطرارلم ينفعه. إلّا أنّ هذه الآيات تقول إنّهذا لم يكن أسلوب و طريق فرعون وحده، بل هوطريق كل العنودين الأنانيين المستكبرينالمسودّه قلوبهم الذين وصلوا إلى قمةالطغيان و لديهم نفس هذه الحالة، فإنّهؤلاء أيضا لا يؤمنون حتى يروا العذابالأليم، ذلك الإيمان العديم الأثربالنسبة لهؤلاء.