كثير، و في عين كثرته واحد! ..
و في الآية التالية يبيّن أهم ما يحتويهالقرآن و ما هو أساسه و هو التوحيد والوقوف بوجه الشرك أَلَّا تَعْبُدُواإِلَّا اللَّهَ «1» و هذا أوّل تفصيللمحتوى هذا الكتاب العظيم.
و الثّاني من محتويات الدعوة السماوية:إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ .. نذير لكم من الظلم و الفساد والشرك و الكفر، و أحذركم من عنادكم و عقاباللّه لكم! و ثالث ما في منهج دعوتي إليكمهو أن تستغفروا من ذنوبكم و تطهروا أنفسكممن الأدران: وَ أَنِ اسْتَغْفِرُوارَبَّكُمْ.
و رابعها هو أن تعودوا إلى اللّه بالتوبة،و أن تتصفوا- بعد غسل الذنوب و التطهر في ظلالاستغفار- بصفات اللّه، فإنّ العودة إليهتعالى لا تعني إلّا الاقتباس من صفاتهثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ.
في الواقع إنّ أربع مراحل من مراحل الدعوةالمهمّة نحو الحق سبحانه بيّنت في أربعجمل و في أربعة أقسام، فقسمان يتضمنانالجانب «العقيدي» و الأساسي.
و قسمان يتضمنان الجانب «العملي» والفوقاني.
فقبول أصل التوحيد و محاربة الشرك، و قبولرسالة النّبي محمّد صلّى الله عليه وآلهوسلّم أصلان اعتقاديان، و التطهّر منالذنوب و التخلّق بالصفات الإلهية- اللذانيحملان معنى البناء بتمام معناه- أمرانعمليان حضّ عليهما القرآن، و إذا تأملنابدقّة في الآيات الكريمة وجدنا أن جميعمحتوى القرآن يتلخص في هذه الأصول الأربعة..
هذا هو الفهرس لجميع محتوى القرآن، ولجميع محتوى هذه السورة أيضا.
ثمّ تبيّن الآيات النتائج العمليةلموافقة هذه الأصول الأربعة أو مخالفتهابالنحو
(1) في جملة أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّااللَّهَ احتمالان: الأوّل: إنّه على لسانالنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم- كماأشرنا إليه- و التقدير: دعوتي و أمري إلّا تعبدوا إلّا اللّه. والثّاني: أنّه كلام اللّه، و التقدير:آمركم ألّا تعبدوا إلّا اللّه، و لكن جملةإِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ تنسجم مع المعنى الأوّل.