امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 6 -صفحه : 584/ 461
نمايش فراداده

تفسير هاتين الكلمتين يستفاد أنّه فيبداية الخلق كان الكون بصورة مواد ذائبة«مع غازات مضغوطة للغاية، بحيث كانت علىصورة مواد ذائبة أو مائعة».

و بعدئذ حدثت اهتزازات شديدة و انفجاراتعظيمة في هذه المواد المتراكمة الذائبة، وأخذت تتقاذف أجزاء من سطحها إلى الخارج، وأخذ هذا الوجود المترابط بالانفصال. ثمّتشكلت بعد ذلك الكواكب السيّارة والمنظومات الشمسية و الأجرام السماوية.

فعلى هذا نقول: إنّ عالم الوجود و مرتكزاتقدرة اللّه كانت مستقرة بادئ الأمر علىالمواد المتراكمة الذائبة، و هذا الأمر هونفسه الذي أشير إليه في الآية (30) من سورةالأنبياء.

أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُواأَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتارَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَ جَعَلْنا مِنَالْماءِ كُلَّ شَيْ‏ءٍ حَيٍّ ....

و في الخطبة الأولى من نهج البلاغة إشاراتواضحة إلى هذا المعنى ..

و المطلب الثّاني: الذي تشير إليه الآية-آنفة الذكر- هو الهدف من خلق الكون، والقسم الأساس من ذلك الهدف يعود للإنساننفسه الذي يمثل ذروة الخلائق ..

هذا الإنسان الذي كتب عليه أن يسير فيطريق التعليم و التربية و يشقّ طريقالتكامل نحو اللّه تعالى يقول اللّهسبحانه: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْأَحْسَنُ عَمَلًا أي ليختبركم و يمتحنكمأيّكم الأفضل و الأحسن عملا بهذه الدارالدنيا.

«ليبلوكم» كلمة مشتقّة من مادة «البلاء»و «الابتلاء» و معناها- كما أشرنا إليهآنفا- الاختبار و الامتحان ..

و الامتحانات الإلهية ليست من قبيل معرفةالنفس و كشف الحالة التي عليها الإنسان فيمحتواه الداخلي و في فكره و روحه، بل بمعنىالتربية (تقدم شرح هذا الموضوع في ذيلالآية 155 من سورة البقرة) و الطريف في هذهالآية أنّها تجعل‏