امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 6 -صفحه : 584/ 465
نمايش فراداده

مندم.

و من نقاط الضعف عند هؤلاء قلّة الصبربوجه المشاكل و الصعاب و انحسار البركاتالإلهية. حيث نجد في الآية التالية قولهتعالى عنهم: وَ لَئِنْ أَذَقْنَاالْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّنَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌكَفُورٌ.

و بالرغم من أنّ هذا التعبير يتناولالإنسان بشكل عام، لكن- كما أشرنا إليهسابقا- المراد من الإنسان في مثل هذهالآيات هو الافراد الذين لم يتلقوا تربيةسليمة و المنحرفون عن جادة الحق، لذلكيتطابق هذا البحث مع البحث السابق عنالأفراد غير المؤمنين.

و نقطة الضعف الثّالثة عند هؤلاء أنّهمحين يتنعمون بنعمة و يشعرون بالترف والرفاه يبلغ بهم الفرح و التكبر و الغروردرجة ينسون معها كل شي‏ء، و لذلك يشيرالقرآن الكريم إلى هذه الظاهرة بقولهتعالى: وَ لَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَبَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُلَفَرِحٌ فَخُورٌ.

و هناك احتمال آخر في تفسير هذه الجملةلَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُعَنِّي و هو أن مثل هؤلاء الأشخاص حينيصابون بالشدائد ثمّ يبدل اللّه بلطفه هذهالشدائد نعمّا من عنده يقول هؤلاء: إنّالشدائد السابقة كانت كفارة عن ذنوبنا وقد غسلت جميع معاصينا، لذلك أصبحنا منالمقربين إلى اللّه، فلا حاجة للتوبة والعودة إلى ساحة اللّه و حضرته.

ثمّ يستثني اللّه سبحانه المؤمنين الذينيواجهون الشدائد و المصاعب بصبر، و لايتركون الأعمال الصالحة على كل حال،فهؤلاء بعيدون عن الغرور و التكبر و ضيقالأفق، حيث يقول سبحانه: إِلَّا الَّذِينَصَبَرُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ.

هؤلاء لا يغترّون عند وفور النعمة فينسوناللّه، و لا ييأسون عند الشدائد و المصائبفيكفرون باللّه، بل إن أرواحهم الكبيرة وافكارهم السليمة جعلتهم يهضمون النعم والبلايا في أنفسهم دون الغفلة عن ذكراللّه و أداء مسئولياتهم‏