و الثّاني: لما كانوا بهذه الأموال والأولاد متعلقين، و لا يؤمنون بالحياة بعدالموت و لا بالدار الآخرة الواسعة و لابنعيمها الخالد فليس من الهيّن أن يغمضواعن هذه الأموال و الذّرية، و يخرجون من هذهالدنيا- بحال مزرية و في حال الكفر.
فالمال و البنون قد يكونان موهبة و سعادةو مدعاة للرفاه و الهدوء و الاطمئنان والدعة إذا كانا طاهرين طيبين و إلّا فهمامدعاة العذاب و الشقاء و الألم.
1- يسأل بعضهم: إنّ الآية الأولى- من الآياتمحل البحث- تقول: أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْكَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ مع أنالآية الأخرى تقول بصراحة: وَ لايُنْفِقُونَ إِلَّا وَ هُمْ كارِهُونَ.
ترى ألا توجد منافاة بين هذين التعبيرين؟!لكن مع قليل من الدقة يتّضح الجواب على هذاالسؤال، و هو أن بداية الآية الأولى فيصورة القضية الشرطية، أي لو أنفقتم طوعاأو كرها فعلى آية حال لن تتقبل منكم. و نعرفأن القضية الشرطية لا تدل على وجود الشرط،أي على فرض أن ينفقوا طوعا و اختيارافإنفاقهم لا فائدة فيه، لأنّهم غيرمؤمنين.
إلّا أنّ ذيل الآية الأخرى بيان قضيةخارجيّة، و هي أنّهم ينفقون عن إكراهدائما.
2- و الدرس الذي نستفيده من الآيات الآنفة،هو أنّه لا ينبغي الانخداع بصلاة الناس وصيامهم، لأنّ المنافقين يؤدون ذلك أيضا،كما أنّهم ينفقون بحسب الظاهر في سبيلاللّه. بل ينبغي تمييز الصلاة و الإنفاقبدافع النفاق من غيرهما عن أعمال